للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلم يكن معظم العلماء ليعرضوا لغير هذه البحوث الثلاثة إلّا استطرادًا, وفي صورة ناقصة, وبطريقة تبعد كثيرًا عن مناهج البحث العلمي؛ فمن ذلك: بعض نظرات في أصوات اللغة -الفونيتيك- وردت في مؤلف لكورديموا Cordemoy ظهر في سنة ١٦٦٨، وبعض ملاحظات وتجارب على الصوت, قامت بها المدارس المنشأة في القرن الثامن لتعليم الصم البكم، وبعض آراء لسانت أوجيستان Saint Augustin بصدد تطور اللغة، وبعض آراء في أصول الكلمات الفرنسية والإيطالية والأسبانية -ايتيمولوجيا-١ لكلود فوشيه Claud Fauchet وبيريون Joachen Perion وهنري إتيان Henre Estienne وميناج Menage -الذي ألف سنة ١٦٥٠ معجمًا في أصول الكلمات الفرنسية, أودان Oudin وابنه، وبعض بحوث لغوية عامة خاصة قامت بها "الأكاديميات", "المجامع اللغوية" التي أنشئت في صدر العصور الحديثة؛ كالأكاديمية الفرنسية, والأكاديمية الأسبانية, وأكاديمية فلورنسا -أكاديمية كروسكا Crusca, وغيرها, وقام بها مؤلفو المعجمات الكبيرة ودوائر المعارف في هذا العصر.

وثَمَّ مظهر آخر لضيق البحوث اللغوية في هذه المرحلة، وذلك أنها كانت مقصورة على اللغتين الإغريقية واللاتينية, وبعض اللغات الأوربية الفصحى, فلم يكن للهجات الشعبية ولا لغير اللغات الأوربية في هذه المرحلة الطويلة حظ يعتد به من الدراسة٢.

وفي أواخر القرن الثامن عشر حدث بهذا الصدد نهضة كبيرة يرجع معظم الفضل فيها إلى كشف اللغة السنسكريتية Sanscrit وحل رموزها, فقد أزاح هذا الكشف الستار عما بين اللغات الهندية والإيرانية من


١ انظرمعنى هذه الكلمة بصفحة ١١ رقم ٥.
٢ بل إن هذه اللهجات كانت محاربة, ومعدودة من مصادر الخطر على الأدب, وقد بلغ العداء لهذه اللغات مبلغًا كبيرًا في فرنسا، حتى لقد عهدت الجمعية الوطنية Convention Nationale التي تمخضت عنها الثورة الفرنسية إلى الأب جريجوار -أحد أعضائها- عام ١٧٩٤ أن يقدم تقريرًا عما ينبغي اتخاذه للقضاء على اللهجات الشعبية الفرنسية, وتعميم اللغة الفصحى.

<<  <   >  >>