للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلمية على هذه الشعبة, وقام فيها ببحوث قيّمة، ألقى بعضها علينا في جامعة السربون، ونشر بعضها في كثير من المجلات النفسية والفلسفية، وضمن كثيرًا منها كتابه الشهير: "اللغة والتفكير"١ Le Lengage et La Pensee.

٤- وأما "السيمنتيك" أي: "دراسة اللغة من ناحية الدلالة" فقد كان لنهضة الشعب الثلاث السابقة أثر كبير في الارتقاء به من ناحيتي الطريقة والمادة, فقد تهذبت طريقته تحت تأثير "الفونيتيك"، واتسعت مادته وكثر إنتاجه بفضل دراسات "الدياليكتولوجيا" "علم اللهجات" و"علم النفس اللغوي".

وذلك أن علماءه قد أعجبوا بالاتجاه العلمي الذي نحا إليه زملاؤهم علماء "الفونيتيك", والذي أشرنا إليه فيما سبق٢, فأخذوا يسيرون على غرارهم, ويختطون لأنفسهم في علاج مسائل الدلالة خططًا جديدةً أدنى إلى الكمال, وأقرب إلى مناهج البحث العلمي، فأهملوا جميع الطرق التي يسيطر عليها النظر الفلسفي ولا تؤدي إلى نتائج يقينية، واستخدموا زيادة على طريق الملاحظة التي كان يقتصر عليها كثير من القدامى، طرقًا حديثة أخرى؛ كطريقة التجارب وقياس الغابر على الحاضر, والموازنة, والاستنباط٣، واتخذوا في جميع هذه الطرق من وسائل الحيطة ما يكفل عصمتها من الزلل, ويبعد بها عن مظانِّ الانحراف؛ فأتيح بذلك لمناهج البحث السيمنتيكي ما أتيح لمناهج البحث الفونيتيكي من وسائل الرقي والتهذيب.

وكما ارتقت طريقة الدراسة في هذه الشعبة، اتسعت مادتها وكثر إنتاجها، وكان ذلك بفضل بحوث "الدياليكتولوجيا" -دراسة اللهجات العامية, وبحوث "علم النفس اللغوي", فقد قدمت "الدياليكتولوجيا" مادة وفيرة لعلماء السيمنتيك, وكشفت لهم عن


١ انظر كذلك ما كتبه في الجزء الثاني من كتاب علم النفس.
Traite de Psychologie Par Dumas et collabolateurs.
٢ انظر صفحات ٥٦-٥٩.
٣ انظر صفحات ٤٥-٥٢.

<<  <   >  >>