للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللغة انضمت إلى هذه الدراسة واعتنقت مذهبها، ومن أشهرهم: الأساتذة دوسوسور De Saussure, ومييه Meillet, وفندريس Vendryes.

وترمي هذه البحوث كما تقدّم١ إلى بيان العلاقة بين اللغة والحياة الاجتماعية, وأثر المجتمع وحضارته ونظمه وتاريخه وتركيبه وبنيته في مختلف الظواهر اللغوية.

وإلى هذه الشعبة تحتاج جميع الشعب الأخرى من علم اللغة, وذلك أن نشأة اللغة الإنسانية والأدوار التي اجتازتها، وحياة كل لغة, وما يطرأ عليها من غنًى وفقر، وقوة وضعف، وسعة وضيق، وانقسامها إلى فنون وإلى لهجات، وما تقوم به من صراع مع غيرها، وما ينجم عن هذا الصراع، والتطورات التي تحدث في أصواتها ومعانيها وأساليبها وقواعدها ... كل أولئك وما إليه ترجع أهم عوامله إلى ظواهر اجتماعية؛ فموضوعات البحوث التي نحن بصددها تمتزج بجميع فروع علم اللغة وتفسر ظواهرها.

غير أن علماء الاجتماع الذين أشرنا إليهم, ومن نهج نهجهم, قد أخذوا على قدامى الباحثين من علماء اللغة, وعلى أعضاء مدرسة "المحدثين من علماء القواعد"٢ تقصيرهم في بيان العلاقة بين الظواهر اللغوية والظواهر الاجتماعية، وانحرافهم أحيانًا عن جادة الصواب في هذه السبيل، وتفسيره لكثير من ظواهر اللغة، وخاصة الظواهر الصوتية تفسيرًا خاطئًا يبعد بها عن المجتمع وشئونه, فعملوا على سد هذا النقص وإصلاح هذه الأخطاء، فأنشئوا فرعًا خاصًّا سموه: "علم الاجتماع اللغوي", أو "السوسيولوجيا اللغوية" Sociologie Linguistique, توفروا فيه على كشف العلاقات التي تربط بين الظواهر اللغوية ومختلف الظواهر الاجتماعية؛ فنهضوا بالدراسات اللغوية نهضة مشكورة, وقد زادهم قوة انضمام عدد كبير من أئمة علماء اللغة إليهم


١ انظر صفحة ١٢ رقم ٦, وصفحة ١٣.
٢ انظر الفقرة الأخيرة من صفحة ٥٧ وتوابعها.

<<  <   >  >>