للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متقاربة في مثل هذه الحالات من التقليد. يضاف إلى هذا كله أن البريتانيين أصبحوا مرتبطين ارتباطا وثيقا بالمجتمع البرجوازي، فمنهم طبقة الموظفين في كثير من الأعمال الحكومية والأهلية، ومقاطعتهم مزدحمة بالسائحين الفرنسيين والأجانب على السواء، مما جعل التحدث بالفرنسية، ميزة وضرورة في آن واحد؛ لأنها تيسر لهم موارد رزقهم، وتفتح الأبواب أمامهم، وتعينهم على التفاهم مع غيرهم١.

وهكذا تغلبت الفرنسية على البريتانية، وأصبحت لغة مشتركة، بالنسبة للمقاطعة كلها، وإن كانت البريتانية، لا تزال متماسكة في بعض أرجاء المقاطعة، وبخاصة بين بعض الطوائف المعينة، مثل صيادي السردين وعمال الملاحات، وقاطعي الإردواز، وتجار الخيول، وغيرهم.

من هذا العرض، نرى أن الصراع اللغوي، هو وحده الذي يقضي على لغة من اللغات، أو لهجة من اللهجات. ولا يمكن تحديد زمن هذا الصراع تحديدا تاما، إلا إذا نظرنا إلى الظروف، التي تحيط باللغة المقهورة، وإلى مقدار ما فيها من حيوية وقوة مقاومة.

ويضع علماء اللغة لهذا الصراع مراحل، تظهر في كل مرحلة منها عوامل تساعد على انحلال اللغة المقهورة، وتؤدي إلى القضاء عليها:

ففي المرحلة الأولى:

تطغى مفردات اللغة المنتصرة، وتحل محل اللغة المقهورة شيئا فشيئا وتكثر هذه الكلمات أو تقل تبعا للمقاومة التي تبديها اللغة المهزومة، فاللغات البربرية لم تترك في اللغة العربية المنتصرة إلا كلمات قليلة، وكذلك الحال في لغة بلاد الجال، التي تغلبت عليها اللاتينية.


١ انظر: اللغة لفندريس ٣٥٤.

<<  <   >  >>