الأول: باستعمال الأطفال لها في الحديث، إذ يتمثلون لغة ممحيطهم، أي لغة الهيئة الاجتماعية، التي ينتمون إليها.
الثاني: بتعلم الفرد لغة أخرى، علاوة على لغته الأولى، فإنه يكون عرضة لأن يدخل في لغته الأصلية، بعض عناصر اللغة الثانية، وينتهي الأمر بمواطنيه، الذين يجهلون اللغة الثانية، إلى أن يستخدموا تلك العناصر في استعمالهم العادي. وإنه لمن المعترف به اليوم، أن الاستعارة تلعب دورا هاما في نمو اللغات، وهي ليست ظاهرة شاذة، بل عادية كثيرة الحدوث، مثلها مثل انتقال اللغات من الآباء إلى الأبناء.
والمشكلة التي تعرض لمؤرخ اللغة، هي أنه ما دامت اللغات لا تخلق بل تغير، وما دامت العبارة اللغوية تقليدية، فإن من الواجب أن نميز في الاتفاقات، التي توجد بين لغتين أو أكثر، بين ما يعد منها نموا ذاتيا، وما يفترض قيام تقليد مشترك بين تلك اللغات، فمن الممكن أن يكون التوافق بين مفردات منعزلة، نتيجة للمصادفة البحتة، كما أنه من الممكن أن يكون ذلك نتيجة لاستعارة اللغتين من لغة واحدة. ولكن مجموعة الاتفافات في الصيغ النحوية، تدل على وحدة الأصل دلالة قاطعة.
واللغات في الواقع دائمة التغير. والتغيرات تنتج أولا عن الطريقين اللذين تنتقل اللغات بواسطتها، ففي كل مرة يتعلم الأطفال الكلام، تختلف اللغة التي يثبتون عليها عن لغة محيطهم. وهذه الاختلافات على صغرها في كل مرة تتجمع بتعاقب الأجيال. ومن جهة أخرى تستعير اللغات عن غيرها، وتلك العاريات تتجمع هي الأخرى. وثمة تغييرات أخرى تنتج عن مجرد استخدام اللغة، فالعنصر اللغوي الذي يستعمل، يصبح استعماله أكثر سهولة على المتكلم، وأكثر إلفا، ومن ثم أقل دلالة، وأسرع تغيرا، والاستخدام يبلى، كما يقولون!