بمديح خليفة المسلمين وهو يومئذ المستنجد بالله العباسي « ... أمير المؤمنين المعروف بالتقوى والاستقامة، يطلب الخير لجميع رعيته» .
ويصف موكبه في طريقه إلى الجامع لإقامة فريضة الصلاة يوم العيد، وابتهاج الرعية برؤية طلعته الميمونة، فيسجّل هتافهم له وتهليلهم وتكبيرهم. ثم يتحدث عن المارستان حديث شاهد عيان دقيق الملاحظة. وبعده يأتي على ذكر الجماعة اليهودية ببغداد، فيحدثنا عن رأس جالوتها، ويسهب في سرد أسماء رؤساء مثيبتها ومدارسها وعلمائها، بلهجة تنم عن الارتياح والسرور مما عاينه وشاهده.
ومن بغداد يتوجه الرحالة نحو مدن الفرات الأوسط ويسجل ما وجده فيها من مقامات وقبور الصالحين والأتقياء. ولا بدع، فقد كان الفرات الينبوع الزاخر الذي تدفق منه كتاب التلمود- دائرة المعارف اليهودية الكبرى التي ما زالت حتى اليوم تهدي اليهود إلى شريعتهم وشعائر ديانتهم وتأريخهم وأساطيرهم.
ومن الفرات الأسفل ينتقل حديث الرحالة إلى جزيرة العرب- «صحراء اليمن» حسب تعبيره ... فهل زار بنيامين الجزيرة؟ وهل من الصحيح أنه اخترقها فبلغ أطراف الحجاز ونواحي خيبر؟ ... إن لهجة بنيامين في هذه المرحلة من سياحته والنتائج التي توصل إليها الذين حققوا في رحلته لا تؤيد ذلك*.
وأغلب الظن أن الرحالة، في أثناء مكوثه بالعراق، سمع من أفواه اليهود وربما قرأ في كتب العرب بعض الأساطير والروايات التي ظلت