عالقة بالأذهان عن قبائل اليهود في الجزيرة والحجاز قبل الإسلام فأدرجها في سياق رحلته. وعليه وجب أن نحصر ما ذكره عن يهود الجزيرة في معترضة، فنعود إلى مواصلة الرحلة معه إلى واسط فالبصرة.
ومنها إلى خوزستان، حيث أطل على بلاد العجم، فراح يتنقل بين مدنها الكبرى وعواصمها العامرة. ومن نواحي خراسان يعرج الرحالة على جبال كردستان وأطراف العمادية، ومنها يعود إلى همذان وأصبهان فشيراز وطبرستان، فيبلغ خيوة وسمرقند ونيسابور، فيحدثنا بإسهاب عن وقعة سنجر شاه السلجوقي مع قبائل الغز، ومن ثم يعود إلى خليج البصرة بطريق خوزستان فيزور قيس (كيش) ويتحدث عن مغاص اللؤلؤ، ومنها يبلغ الهند وخولام ويجول في ملبار ويصل سرنديب فيكون بذلك أول رحالة أوروبي بلغ الهند.
ومن ثم ينتقل بالحديث عن أرض الصين، ويقص أهوال بحارها ومخاطرها. وهنا أيضا يأخذ أسلوب الرحلة شكلا يدعو إلى الشك في كون بنيامين قد بلغ شواطئ الصين برحلته. ويمكننا القول على وجه التأكيد: إن الرحالة قد أدرج في رحلته ما كان قد سمعه، وربما قرأه من روايات تجار العرب وأحاديث ملاحيهم عن تلك البلاد السحيقة، فجاءت روايته قريبة الشبه بما نطالعه في سفرات السندباد البحري عن بحار الصين ومهالكها، فلننتقل معه إذن، من الهند إلى شواطئ جزيرة العرب الجنوبية، حيث يتحدث عن زبيد وعدن، ومنها يعبر البحر الأحمر فيبلغ أفريقية من نواحي أسوان، فيتابع مجرى النيل وينحدر إلى القطر المصري فيتنقل بين مدنه الواحدة تلو الأخرى، فيزور القاهرة