وجبهة عسكرية موحدة. إذ لم تلبث دولتهم أن انقسمت إلى خمسة بيوت. أولهما الدولة السلجوقية الكبرى التي دامت إلى سنة (٥٢٢ هـ) ؛ وثانيها الدولة السلجوقية الكرمانية التي دامت ١٥٠ سنة (٤٣٢- ٥٨٣ هـ) ؛ وثالثها سلاجقة العراق وكردستان وقد دام حكمهم إلى سنة (٥٩٠ هـ) ورابعها سلاجقة الشام وكان حكمهم قصيرا لم يستمر أكثر من أربع وعشرين سنة؛ وخامسها سلاجقة الروم الذين امتد حكمهم إلى سنة (٧٠٠ هـ.) وانتهت دولتهم بظهور الأتراك العثمانيين.
ومن دواعي الأسف أيضا أن السلاجقة عندما امتد حكمهم إلى الشام ونواحي فلسطين، لم يلبثوا أن اصطدموا بالفاطميين الذين كانوا يحكمون مصر. فتفرقت بذلك كلمة المسلمين واشتد النزاع بين ملوكهم وأمرائهم بدافع الأثرة والانفراد بالحكم، فأثار هذا التفكك والانقسام في رقعة الإسلام طمع أوروبة التي كانت تنظر شزرا إلى اليقظة العسكرية التي أوجدها السلاجقة في الشرق، فظهرت دعوة جديدة باسم إنقاذ قبر المسيح من أيدي المسلمين، فقامت تلك الحروب الشعواء التي كانت أول محاولة من جانب الغرب لاستعمار الشرق العربي- وهي الحروب التي اصطلح المؤرخون على تسميتها بالحروب الصليبية.
وليس من شأننا أن نسهب بذكر أسباب الحروب الصليبية أو نفصل مقدماتها والعوامل المباشرة التي أثارت جذوتها. فذلك من اختصاص كتب التأريخ لا كتب الرحلات. ويمكن القول إيجازا: إن أسبابا