عديدة من سياسية ودينية واقتصادية قد تجمّعت وساعد بعضها بعضا لإثارة تلك الحروب، وإن كان الأوروبيون يميلون على الأكثر إلى جعل أسبابها دينية محضة.
تحركت جيوش الصليبيين تطلب الشرق في ١٥ آب ١٠٩٦ م.
(٤٧٩ هـ.) فسحبت بأذيالها من أعمال التدمير والتخريب ما شوّه تلك الحملة وأبعدها عن غايتها الأصلية. فلما أشرفت على الديار الإسلامية توجهت ميمنتها نحو أنطاكية، وسارت ميسرتها نحو الفرات فاستولت على الرها (أورفة (Edessa واندفع قلبها يطلب بيت المقدس.
وكانت سورية وفلسطين آنذاك أوصالا مفككة بين أتابكة السلاجقة وحكومة الفاطميين، لذلك لم يجد الصليبيون ما يحول دون زحفهم أو يقف بوجه تقدمهم وقفة جد. فاجتاحوا تلك البلاد من أقصاها إلى أقصاها، فتداعت أمامهم المدن وتساقطت الحصون، وأدركوا القدس وحاصروها ثم دخلوها فاتحين يوم ١٥ تموز سنة ١٠٩٩ م. (٤٨٩ هـ) وأعلموا السيف في رقاب أهلها من مسلمين ويهود، وهكذا تمّ لهم احتلال فلسطين. فنشأت في الشرق الإسلامي دولة لاتينية إقطاعية قوامها أربع إمارات أو وحدات سياسية- في الرها وأنطاكية وطرابلس وبيت المقدس. فكانت تلك أشد ضربة تلقاها الشرق الإسلامي، تركت وراءها الأثر البليغ وخلفت من المشاكل السياسية ما ظل شغل أوروبة الشاغل قرونا عديدة.
بيد أن هذا الشرق الإسلامي الذي كان ظاهر أمره يبعث على