خلال كتب التأريخ وتراجم علماء القرن الثاني عشر في مختلف الأقطار الأوروبية والشرقية التي مر بها بنيامين للتحقيق عن هوية هذا العدد الوفير من الأعلام الواردة في رحلته، وقد توصلت إلى معرفة عدد لا بأس به منها.
أما الأمر الثاني فهو أن بنيامين، على اطلاعه الواسع ووقوفه التام على نصوص التوراة، لم يكن منتظرا منه التدقيق في جغرافية الكتاب المقدس، وهو علم قائم بذاته لا يزال فيه متسع لبحوث العلماء والمحققين إلى اليوم. لذلك نراه يخلط بين أسماء المدن التي مر بها والمواقع الوارد ذكرها في التوراة لمجرد تشابه يسير يلاحظه باللفظ. فهو يظن أن نهر العاص هو نهر «يبوق» الوارد في التوراة، على حين أن هذا الأخير هو نهر الزرقاء في شرقي الأردن. ويخلط بين بلدة كفرناحوم الواقعة في الجليل وقرية ماعون الواردة في التوراة، في حين أن موقع هذه الأخيرة جنوبي الخليل. ويقول: إن بلدة «القريتين» الواقعة بجوار حمص هي قرياثايم الواردة في التوراة، على حين أن موقع الأخيرة في شرقي الأردن. إلى آخر ما يطول شرحه.
هذا، وإني، وإن كنت اعتمدت في الترجمة إلى العربية على نسخة بغداد التي لدي بالدرجة الأولى، لم أتأخر عن ذكر ما يخالف نصها في النسخ الأخرى مثل نسخة آشر ونسخة أدلر. كما أني اتبعت في الترجمة الأسلوب العربي المعروف في كتب الرحلات العربية لتكون أقرب إلى فهم القارئ وذوقه مع الاحتفاظ بالنص الأصلي على قدر ما تسمح به قواعد النقل من لغة أخرى وأصوله، فضبطت الأعلام بلفظها