للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرجع الرسولان أدراجهما وأخبرا ملك العجم بما شاهدا وما سمعا، فاحتار الملك وخاف سوء المغبة. وفي اليوم التالي جاءه رسول أهل المدينة يدعو جيش العجم إلى الحرب والقتال فقال الملك: «إني ما حضرت إلى هنا لقتالكم، وإنما لمناجزة أعدائي كفار الترك. فإذا أبيتم إلا قتالي، فسوف أنتقم منكم بإهلاك جميع اليهود القاطنين في مملكتي، وهم كثيرون. وأنتم في هذا المكان أقوى مني. فأنا أسألكم بالمعروف أن تكفوا عن قتالي وتتركوني وشأني مع كفار الترك.

وسوف أدفع لكم ثمن ما يحتاج إليه جندي من زاد وأرزاق.»

فلما سمع اليهود هذا الكلام، تشاوروا فيما بينهم، وقر رأيهم على مصافاة ملك العجم، حقنا لدماء إخوانهم من اليهود المقيمين في بلاده. فاستضافوا جند العجم في مدينتهم خمسة عشر يوما وأكرموا وفادتهم غاية الإكرام.

لكنهم ظلوا أمناء على عهدهم مع كفار الترك، فأوفدوا إليهم سرا من يشعرهم بمقدم ملك العجم لمقاتلتهم. فاستعد كفار الترك، وأخذوا الأهبة للحرب والقتال، فنصبوا الكمين في مسالك الجبال ومضائق الشعاب، وحشدوا الجيوش الجرارة من جميع أنحاء تلك الصحراء. فما إن خرج ملك العجم بعسكره لمقاتلتهم حتى هاجموه من كل صوب، فانتصروا عليه، وأهلكوا عددا غفيرا من جنده، ففر ملك العجم بمن كتبت له السلامة من أتباعه وعاد إلى بلاده.

وحدث أن فارسا من جند ملك العجم خدع يهوديا يدعى موسى، فاستصحبه إلى بلاد العجم، وهناك استرقه له عبدا. وبعد مضي مدة

<<  <   >  >>