للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه الظواهر التي وجدت في وقت لاحق وظلّ بعضها إلى عهد قريب جدا، ألا يمكن أن تكون دليلا على أنّ الكوتيين (السامريين) قد تحولوا إلى الإسلام تدريجيا وانتشروا في العالم الإسلامي، في اليمن وفي مصر وفي غير اليمن ومصر، وإلا كيف نفسّر هذا التشدد الشديد في مراعاة الطهارة عند الصلاة في دين يسمح بالصلاة بمجرد التيمم إذا عزّ الماء؟ وبالاستجمار بحجر أو سواه لتطهير قبله ودبره بعد قضاء الحاجة إذا عزّ الماء! ولم نسمع أن النبي صلى الله عليه وسلم أو صحابته كانوا يصفون سراويلهم أمامهم في المسجد. أليست هذه بقايا ممارسات قديمة للمتحولين إلى الإسلام. أهذا التفسير أفضل أم القول بأن السّامريين (الكوتيين) قد انقرضوا لعدم إيمانهم بالتلمود وكتب الحاخامات الأخرى مكتفين بأسفار موسى*. إنّ تأمل ملامح الحاضر يعد دليلا تاريخيا لا يقل في أهميته عن الوثيقة والأثر، وعلى هذا سنضمّن هذه الدراسة وثيقتين تشيران إلى حركة بين اليهود أنفسهم للتحول للإسلام في القرنين السادس والسابع الهجريين (١٢، ١٣ للميلاد) لأسباب تاريخية سنوضّحها.

لقد شهدت مرحلة إخراج المسلمين من الأندلس، وتوغل الإسلام- في المقابل- في آسيا الصغرى وشرق أوربا، ومرحلة الاحتكاك الحضاري العنيف بين الشرق والغرب ممثلا في الحروب الصليبية- شهدت تأثيرا وتأثرا بين الأديان الثلاثة، بل وأدّت إلى ظهور عقائد

<<  <   >  >>