للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحارث بن أسد المحاسبي١: هو نور، وبه قال: أبو الحسن التميمي، وروى الحربي٢، عن أحمد، أنه غريزية، والتحقيق أن يقال، أنه غريزية كأنها نور يقذف في القلب، فيستعد لإدراك الأشياء، فيعلم جواز الجائزات، واستحالة المستحيلات ويتلمح٣ به عواقب الأمور، وذلك النور يقل ويكثر، فإذا قوي قمع ملاحظة عاجل الهوى، وفي محلة روايتان نقلهما القاضي:

إحداهما: أن محله القلب، وهو قول أكثر أصحابنا ومروي عن الشافعي.

والثانية: أن محلة الدماغ، نقلها ابن زياد٤ عنه، وهي اختيار أصحاب أبي حنيفة٥.


١ هو، أبو عبد الله الحارث بن أسد المحاسبي، من أكابر العلماء، كان عالما بالأصول والمعاملات واعظًا مؤثرًا توفي سنة: ٣٤٣هـ، له ترجمة في "تهذيب التهذيب": ٢/ ١٣٤ و"حلية الأولياء" ١٠/ ١٠٩ و "سير أعلام النبلاء": ١٢/ ١١٠ و "تاريخ بغداد": ٨/ ٢١١.
٢ هو، إبراهيم بن إسحاق البغدادي الحربي، كنيته أبو إسحاق من أعلام المحدثين، أصله من مرو واشتهر وتوفي ببغداد، كان حافظًا للحديث، عارفا بالفقه، بصيرا بالأحكام، تفقه على الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وفاته سنة: ٢٨٥هـ، له ترجمته في "المنهج الأحمد": ١/ ٣٠٢-٣٠٧ و "سير أعلام النبلاء": ١٣/ ٣٥٦.
٣ كذا في "ش" وفي "ط": "يَتَلَوَّح" وهما بمعنى واحد.
٤ هو، الفضل بن زياد، أبو العباس القطان البغدادي، من المتقدمين عند أبي عبد الله أحمد بن حنبل، ووقع له عنه مسائل كثيرة منها أن السنة تفسر الكتاب
"القرآن الكريم" وتبينه، له ترجمة في "المنهج الأحمد": ٢/ ١٤٨-١٤٩.
٥ في "التاج - عقل": "العقل أصل معناه المنع، ومنه العقال للبعير" وفيه أيضا: "ما كسب أحد شيئا أفضل من عقل يهديه إلى هدى أو يرده عن ردى"، ونفهم من ذلك أن العقل يكتسب وهو نور يهدي إلى هدى ويرد عن ردي، إنه حقائق يعقلها الإنسان أي يمنعها ويحتجزها في قلبه من جهة، وتمنع صاحبها مما لا يليق به وتحجز عنه من جهة أخرى.

<<  <   >  >>