وجوب الصيام ليلة الإغمام في دار الإمام القادر بالله، بحيث يسمع الخليفة الكلام فخرجت الجائزة السنية له من أمير المؤمنين، فردها مع حاجته إلى بعضها فضلًا عن جميعها تعففًا وتنزهًا.
روي أنه كان يبتدئ في مجلسه بإقرار القرآن، ثم بالتدريس ثم ينسخ بيده ويقتات من أجرته، فسمي الوراق لأجل ذلك، وأنه كان في كثير من أوقاته، إذا اشتهت نفسه الباقلاء، لم يأكل معه دنا، وإذا كان دهن لم يجمع بينه وبين الباقلاء، وكان رحمه الله كثير الحج فعوتب في ذلك لكبر سنه، فقال: لعل الدرهم الزيف، يخرج مع الدراهم الجيدة.
حكى أن إنسانًا جاءه بقليل ماء وهو مستند إلى حجر وقد أشرف على التلف، فأومأ إلى الجائي له بالماء، من أين هو؟ وايش وجهه؟ فقال له: هذا وقته؟ فأومأ إليه: أن نعم هذا وقته، عند لقاء الله تعالى أحتاج أن أدري ما وجهه؟ أو كما قال. وتوفي راجعًا من مكة بقرب وَاقِصَةَ١ سنة ثلاث وأربعمائة، رحمه الله.
١ واقصة: منزل بطريق مكة بعد القرعاء نحو مكة وقبل العقبة. انظر "معجم البلدان": "٥/ ٣٥٣".