إبراهيم بن أحمد المقدسي، أخبرنا عبد المغيث بن زهير الحربي، أخبرنا القاضي أبو الحسن رحمه الله فقال: الوالد السعيد أبو يعلى كان عالم زمانه، وفريد عصره، ونسيج وحده وقريع دهره، وكان له في الأصول والفروع القدم العالي، وفي شرف الدين والدنيا المحل السامي، والحظ الرفيع عند الإمامين: القادر، والقائم، وأصحاب أحمد رحمه الله له يتبعون ولتصانيفه يدرسون ودرسون، وبقوله يفتون، والفقهاء على اختلاف مذاهبهم وأصولهم كانوا عنده يجتمعون، ولمقاله يسمعون ويطيعون وبه ينتفعون وبالائتمام به يقتدون.
وقد شوهد له من الحال ما يغني من المقال، لا سيما مذهب إمامنا أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل واختلاف الروايات عنه، وما صح لديه منه مع معرفته بالقرآن وعلومه والحديث والفتاوى والجدل، وغير ذلك من العلوم مع الزهد والورع والعفة والقناعة، وانقطاعه عند الدنيا وأهلها واشتغاله بسطر العلم وبثه، وإذاعته ونشره.
وكان والده أبو عبد الله، أحد شهود الحضرة بمدينة السلام وصحب ابن حامد إلى أن توفي ابن حامد سنة ثلاث وأربعمائة وتفقه عليه وبرع في ذلك.
ولد-يعني القاضي أبا يعلى- لتسع وعشرين أو ثمان وعشرين ليلة خلت من المحرم سنة ثمانين وثلاثمائة، وتوفي ليلة الاثنين بين العشاءين، تاسعة عشر رمضان وصلى عليه أخي أبو القاسم يوم الاثنين بجامع المنصور ودفن في مقبرة الإمام أحمد رضي الله عنه.