للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استمر بها الدم بعد أيامها، فهي مستحاضة وتَحَيَّضَتْ: أي قعدت أيام حيضها عن الصلاة.

قال أبو القاسم الزمخشري: في كتابة "أساس البلاغة": من المجاز حاضت السمرة: إذا خرج منها شبه الدم.

وقال المصنف -رحمه الله تعالى-: الحيض دم يرخيه الرحم، إذا بلغت المرأة، ثم يعتادها في أوقات معلومة لحكمة تربية الولد، فإذا حملت انصرف ذلك الدم بإذن الله تعالى إلى تغذية الولد؛ ولذلك لا تحيض الحامل، فإذا وضعت الولد قلبه الله تعالى بحكمته لبنًا يتغذى به؛ ولذلك قلَّ ما تحيض المرضع، فإذا خلت من حمل ورضاع، بقى ذلك الدم لا مصرف له، فيستقر في مكان، ثم يخرج في الغالب في كل شهر ستة أيام أو سبعة، وقد يزيد على ذلك ويقل، ويطول شهر المرأة ويقصر، على حسب ما ركبه الله في الطباع. انتهى آخر كلامه.

والاستحاضة، سيلانه في غير وقته من العاذل "بالذل المعجمة" وقد يقال: بالمهملة، حكاهما ابن سيده، وقال الجوهري: العاذر لغة فيه "يعني بالذال المعجمة والراء" وهو اسم للعرق الذي يسيل منه دم الاستحاضة، قال: وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن دم الاستحاضة، فقال: ذات العاذل الذي يغذو، يعني يسيل، "لتَسْتَثْفِرْ بِثَوْب وَلتصَلِّ".

قوله: "دَم طبيعةٍ وجِبِلَّةٍ": الطبع والطبيعة، والسجية، والجبلة: الخلقة عن الجوهري وغيره، ومنه قوله تعالى: {وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الأَوَّلِينَ} ١ وقرئ بضم الجيم والباء، وهما لغتان نقلهما أبو البقاء وحكى ابن سيده ثلاث لغات أُخَرَ: جُبْلَة، كغُرْفة، وجِبْلَة، ككسرة، وجَبْلَةٌ كتمرة، فصارت خمس لغات.


١ سورة الشعراء: الآية ١٨٤.

<<  <   >  >>