وخوارزم وأمير الركب الشامي سيف الدين الجوبان ولما وقع النفر بعد غروب الشمس وصلنا مزدلفة عند العشاء الآخرة فصلينا بها المغرب والعشاء جمعاً بينهما حسبما جرت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما صلينا الصبح بمزدلفة غدونا منها إلى منى بعد الوقوف والدعاء بالمشعر الحرام ومزدلفة كلها موقف إلا وادي محسر ففيه تقع الهرولة حتى يخرج عنه ومن مزدلفة يستصحب أكثر الناس حصيات الجمار وذلك مستحب ومنهم من يلقطها حول مسجد الخيف والأمر في ذلك واسع ولما انتهى الناس إلى منى بادروا لرمي جمرة العقبة ثم نحروا وذبحوا ثم حلقوا وحلو من كل شيء إلا النساء والطيب حتى يطوفوا طواف الإفاضة ورمي هذه الجمرة عند طلوع الشمس من يوم النحر لما رموها توجه أكثر الناس بعد أن ذبحوا وحلقوا إلى طواف الإفاضة ومنهم من أقام إلى اليوم الثاني وفي اليوم الثاني رمى الناس عند زوال الشمس بالجمرة الأولى سبع حصيات وبالوسطى كذلك ووقفوا للدعاء بهاتين الجمرتين اقتداء لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما كان اليوم الثالث تعجل الناس الانحدار إلى مكة شرفها الله بعد أن كمل لهم رمي تسع وأربعين حصاة وكثير منهم أقام اليوم الثالث بعد يوم النحر حتى رمى سبعين حصاة.
خبر كسوة الكعبة:
وفي يوم النحر بعثت كسوة الكعبة الشريفة من الركب المصري إلى البيت الكريم فوضعت في سطحه فلما كان اليوم الثالث بعد يوم النحر أخذ الشيبيون في إسبالها على الكعبة الشريفة وهي كسوة سوداء حالكة من الحرير مبطنة بالكتان وفي أعلاه طراز مكتوب فيه بالبياض {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً} ١. الآية وفي سائر جهاتها طراز مكتوب بالبياض فيها آيات من القرآن وعليها نور لائح مشرق من سوادها ولما كسيت شمرت أذيالها صوناً من أيدي الناس والملك الناصر هو الذي يتولى كسوة الكعبة الكريمة ويبعث مرتبات القاضي والخطيب والأئمة والمؤذنين والفراشين والقومة وما يحتاج له الحرم الشريف من الشمع والزيت في كل سنة وفي هذه الأيام تفتح الكعبة الشريفة في كل يوم