حروفها "راء وآخرها زاي وميمها مكسورة"، وهي مدينة حسنة ذات فواكه وأنهار ونزلنا بها عند القاضي حسام الدين محمود، ولقيت عنده رجلاً من أهل العلم والدين والورع، هندي الأصل، يدعى بهاء الدين، ويسمى إسماعيل، وهو من أولاد الشيخ بهاء الدين أبي زكريا الملتاني، وقرأ على مشايخ توريز وغيرها. وأقمت بمدينة رامز ليلة واحدة، ثم رحلنا منها ثلاثاً في بسيط فيه قرى يسكنها الأكراد. وفي كل مرحلة منها زاوية فيها للوارد الخبز واللحم والحلواء، وحلواؤهم من رب العنب مخلوط بالدقيق والسمن.
وفي كل زاوية الشيخ والإمام والمؤذنون والخادم للفقراء والعبيد يطبخون الطعام. ثمّ وصلت مدينة تستر، وهي آخر البسيط من بلاد أتابك، وأول الجبال، مدينة كبيرة رائقة نضرة، وبها البساتين الشريفة والرياض المنيفة، ولها المحاسن البارعة والأسواق الجامعة وهي قديمة البناء افتتحها خالد بن الوليد وإلى هذه المدينة ينسب سهل بن عبد الله ويحيط بها النهر المعروف بالأزرق وهو عجيب في نهاية من الصفاء شديد البرودة في أيام الحر ولم أر كزرقته إلا نهر بلخشان ولها باب واحد للمسافرين يسمى دروازة دسبول والدروازة عندهم الباب ولها أبواب غير شارعة إلى النهر وعلى جانبي النهر البساتين والدواليب والنهر عميق وعلى باب المسافرين منه جسر على القوارب كجسر بغداد والحلة. قال ابن جزي: وفي هذا النهر يقول بعضهم:
انظر لشاذروان تستر وَاعجبِ ... مِن جمعِه ماءً لري بلادِهِ
ككميِّ قومٍ جُمّعتْ أموالُهُ ... فغدا يفرّقه على أجنادِهِ.
والفواكه بتستر كثيرة والخيرات متيسرة ولا مثل لأسواقها في الحسن وبخارجها تربة معظمة يقصدها أهل تلك الأقطار للزيارة وينذرون لها النذور ولها زاوية بها جماعة من الفقراء وهم يزعمون أنها تربة زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وكان نزولي من مدينة تستر في مدرسة الشيخ الإمام الصالح المتفنن شرف الدين موسى بن الشيخ الصالح الإمام العالم صدر الدين سليمان وهو من ذرية سهل بن عبد الله وهذا الشيخ ذو مكارم وفضائل جامع بين العلم والدين والصلاح والإيثار وله مدرسة وزاوية وخدامها فتيان له أربعة سنبل وكافور وجوهر وسرور أحدهم موكل بأوقاف الزاوية والثاني متصرف فيما يحتاج إليه من النفقات في كل يوم والثالث خديم السماط