للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخبرته بذلك وأمر خدامه فأنزلوني بدويرة صغيرة بالمدرسة وفي غد ذلك اليوم وصل إليه رسول ملك العراق السلطان أبي سعيد وهو ناصر الدين الدرقندي من كبار الأمراء خراساني الأصل فعند وصوله إليه نزع شاشيته عن رأسه وهم يسمونها الكلا وقبل رجل القاضي وقعد بين يدين ممسكا أذن نفسه بيده وهكذا فعل أمراء التتر عند ملوكهم وكان هذا الأمير قد قدم في نحو خمسمائة فارس من مماليكه وخدامه وأصحابه ونزل خارج المدينة ودخل إلى القاضي في خمسة نفر ودخل مجلسه وحده منفردا تأدباً.

كان ملك العراق السلطان محمد خذابنده قد صحبه في حال كفره فقيه من الروافض الإمامية يسمى جمال الدين بن مطهر فلما أسلم السلطان المذكور وأسلمت بإسلامه التتر زاد في تعظيم هذا الفقيه فزين له مذهب الروافض وفضله عن غيره وشرح له حال الصحابة والخلافة وقرر لديه أن أبا بكر وعمر كانا وزيرين لرسول الله وأنّ عليا ابن عمه وصهره فهو وارث الخلافة ومثل له ذلك بما هو مألوف عنده من أن الملك الذي بيده إنما هو إرث عن أجداده وأقاربه مع حدثان عهد السلطان بالكفر وعدم معرفته بقواعد الدين فأمر السلطان بحمل الناس على الرفض وكتب بذلك إلى العراقيين وفارس وأذربيجان وأصفهان وكرمان وخراسان وبعث الرسل إلى البلاد فكان أول بلد وصل إليها بغداد وشيراز وأصفهان فأما أهل بغداد فامتنع أهل باب الأزج منهم وهم أهل السنة وأكثرهم على مذهب الإمام أحمد بن حنبل وقالوا لا سمع ولا طاعة وأتوا المسجد الجامع في يوم الجمعة ومعهم السلاح وبه رسول السلطان فلما صعد الخطيب المنبر قاموا إليه وهم اثني عشر ألفا في سلاحهم وهم حماة بغداد والمشار إليهم فيها فحلفوا له أنه أن غير الخطبة المعتادة أو زاد فيها أو نقص فإنهم قاتلوه وقاتلوا رسول الملك ومستسلمون بعد ذلك لما شاء الله وكان السلطان أمر بأن تسقط أسماء الخلفاء وسائر الصحابة من الخطبة ولا يذكر إلا اسم علي ومن تبعه كعمار رضي الله عنهم فخاف الخطيب من القتل وخطب الخطبة المعتادة وفعل أهل شيراز وأصفهان كفعل أهل بغداد فرجعت الرسل إلى الملك فأخبروه بما جرى في ذلك فأمر أن يؤتي بقضاة المدن الثلاث فكان أول من أتى به منهم القاضي مجد الدين قاضي شيراز والسلطان إذ ذاك في موضع يعرف بقراباغ وهو موضع مصيفه فلما

<<  <  ج: ص:  >  >>