ملوك الدنيا الكبار وهم ملك الصين وملك الهند وملك العراق وملك أوزبك. وكلهم يهابونه ويعظمونه ويكرمونه وولي الملك بعد أخيه الجكطي "وضبط اسمه بفتح الجيم المعقود له الكاف والطاء المهمل وسكون الياء". وكان الجكطي هذا كافراً، وولي بعد أخيه الأكبر كبك وكان هذا كافراً أيضاً، لكنه كان عادل الحكم منصفاً للمظلومين يكرم المسلمين ويعظمهم.
وروي أن هذا الملك كبك كان تكلم يوماً مع الفقيه الواعظ المذكور بدر الدين الميداني فقال له: أنت تقول أن الله ذكر كل شيء في كتابه العزيز. قال: نعم. فقال: أين اسمي فيه؟ فقال هو في قوله تعالى:{فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} . فأعجبه ذلك. وقال: يخشى، ومعناه بالتركية جيد. فأكرمه كثيراً وزاد في تعظيم المسلمين.
ومن أحكام كبك ما ذكر أن امرأة شكت له بأحد الأمراء، وذكرت أنها فقيرة ذات أولاد. وكان لها لبن تقوتهم بثمنه. فاغتصبه ذلك الأمير وشربه. فقال أنا أوسطه فإن خرج اللبن من جوفه مضى لسبيله. وإلا وسطتك بعده فقالت المرأة حللته ولا أطلبه بشيء. فأمر به فوسط فخرج اللبن من بطنه. ولنعد لذكر السلطان طرمشيرين. ولما أقمت بالمحلة، وهم يسمونها الأردو أياماً، ذهبت لصلاة الصبح بالمسجد على عادتي فلما صليت ذكر لي بعض الناس أن السلطان بالمسجد فلما قام عن الصلاة تقدمت للسلام عليه وقام الشيخ حسن والفقيه حسام الدين الياغي وأعلمه بحالي وقدومي منذ أيام فقال لي بالتركية: خش ميسن يخشي ميسن قطلوا يوسن، ومعنى خش ميسن في عافية أنت ومعنى يخش ميسن جيد أنت ومعنى قطلوا ميسن مبارك قدومك. وكان عليه في ذلك الحين قباء قدسي أخضر، وعلى رأسه شاشية مثله ثم انصرف إلى مجلسه راجلاً والناس يتعرضون له بالشكايات فيقف لكل مشتك منهم صغيراً أو كبيراً ذكراً أو أنثىً. ثم بعث إلي فوصلت إليه وهو في خرقة والناس خارجها ميمنة وميسرة والأمراء منهم على الكراسي وأصحابه وقوف على رؤوسهم وبين أيديهم وسائر الجند قد جلسوا صفوفاً وأمام كل واحد منهم سلاحه وهم أهل النوبة يقعدون هنالك إلى العصر ويأتي آخرون فيقعدون إلى آخر الليل وقد صنعت هنالك سقائف من ثياب القطن يكونون بها. ولما دخلت إلى الملك بداخل الخرقة وجدته جالساً على كرسي شبه المنبر مكسو بالحرير