نحو الخمسين ألفاً، فانهزموا عند طلوع الفجر. وكان الملك إبراهيم المعروف بالبَنْجي "بفتح الباء الموحدة وسكون النون وجيم" التتري قد أقطعه السلطان بلاد سنديلة وهي قرية من بلاد عين الملك فاتفق معه على الخلاف وجعله نائبه وكان داود بن قطب الملك وابن ملك التجار على فيلة السلطان وخيله فوافقاه أيضاً وجعل داود حاجبه وكان داود هذا لما ضربوا على محلة الوزير يجهر بسب السلطان ويشتمه أقبح شتم والسلطان يسمع ذلك ويعرف كلامه. فلما وقعت الهزيمة قال عين الملك لنائبه إبراهيم التتري: ماذا ترى يا ملك إبراهيم قد فر أكثر العسكر وذو النجدة منهم فهل لك أن ننجوا بأنفسنا فقال إبراهيم لأصحابه بلسانهم إذا أراد عين الملك أن يفر فإني سأقبض على دبوقته فإذا فعلت ذلك فاضربوا أنتم فرسه ليسقط إلى الأرض فنقبض عليه ونأتي به السلطان ليكون ذلك كفارة لذنبي في الخلاف معه وسبباً لخلاصي. فلما أراد عين الملك الفرار قال له إبراهيم إلى أين يا سلطان علاء الدين؟ وكان يسمى بذلك وأمسك بدبوقته وضرب أصحابه فرسه فسقط على الأرض ورمى إبراهيم بنفسه عليه فقبضه وجاء أصحاب الوزير ليأخذوه فمنعهم وقال لا أتركه حتى أوصله للوزير أو أموت دون ذلك فتركوه فأوصله إلى الوزير وكنت أنظر عند الصبح إلى الفيلة والأعلام يؤتى بها إلى السلطان ثم جاءني بعض العراقيين فقال قد قبض على عين الملك وأتي به الوزير فلم أصدقه فلم يمر إلا يسير وجاءني الملك تمور الشربدار فأخذ بيدي وقال ابشر فقد قبض على عين الملك وهو عند الوزير. فتحرك السلطان عند ذلك ونحن معه إلى محلة عين الملك على نهر الكنك فنهبت العساكر ما فيها واقتحم كثير من عسكر عين الملك النهر فغرقوا وأخذ داود بن قطب الملك وابن ملك التجار وخلق كثير معهم ونهبت الأموال والخيل والأمتعة. ونزل السلطان على المجاز وجاء الوزير بعين الملك وقد أركب على ثور وهو عريان مستور العورة بخرقة مربوطة بحبل وباقية في عنقه، فوقف على باب السراجة ودخل الوزير إلى السطان فأعطاه الشربة عناية به. وجاء أبناء الملوك إلى عين الملك فجعلوا يسبونه ويبصقون في وجهه ويصفعون أصحابه وبعث إليه السلطان الملك الكبير فقال له ما هذا الذي فعلت فلم يجد جواباً فأمر به السلطان أن يكسى ثوباً من ثياب الزمالة وقيد بأربعة كبول وغلت يداه إلى عنقه وسلم للوزير ليحفظه وجاز إخوته النهر هاربين، ووصلوا مدينة عوض فأخذوا أهلهم وأولادهم وما قدروا عليه