للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آش والآخرى ببشارة غرناطة.

وفي أشجار هذه الغابة التي بين إيوالاتن ومالي ما يشبه شجرة الإجاص والتفاح والخوخ والمشمش وليست بها. وفيها أشجار تثمر شبه الفقوس فإذا طاب انفلق عن شيء شبه الدقيق فيطبخونه ويأكلونه ويباع بالأسواق ويستخرجون من هذه الأرض حبات كالفول فيقلونها ويأكلونها وطعمها كطعم الحمص المقلو. وربما طحنوها وصنعوا منها شبه الإسفنج وقلوه بالغرتي، والغرتي "بفتح الغين المعجم وسكون الراء وكسر التاء المثناة" هو ثمر كالإجاص شديد الحلاوة مضر بالبيضان إذا أكلوه، ويدق عظمه فيستخرج منه زيت لهم فيه منافع، فمنها أنهم يطبخون به ويسرجون السرج ويقلون به هذا الإسفنج ويدهنون به ويخلطونه بتراب عندهم ويسطحون به الدور كما تسطح بالجير. وهو عندهم كثير متيسر ويحمل من بلد إلى بلد في قرع كبار تسع القرعة منها قدر ما تسعه القلة ببلادنا. والقرع ببلاد السودان يعظم ومنه يصنعون الجفان. يقطعون القرعة نصفين فيصنعون منها جفنتين وينقشونها نقشاً حسناً. وإذا سافر أحدهم يتبعه عبيده وجواريه يحملون فرشه وأوانيه التي يأكل ويشرب فيها وهي من القرع.

والمسافر في هذه البلاد لا يحمل زاداً ولا إداماً ولا ديناراً ولا درهماً. إنما يحمل قطع الملح وحلي الزجاج الذي يسميه الناس النظم وبعض السلع العطرية. وأكثر ما يعجبهم منها القرنفل والمصطكى وتاسر غنت وهو بخورهم. فإذا وصل قرية جاء نساء السودان بأنلي واللبن والدجاج ودقيق النبق والأرز والفوني، وهو كحب الخردل يصنع منه الكسكسو والعصيدة ودقيق اللوبيا فيشتري منهن ما أحب من ذلك. إلا أن الأرز يضر أكله بالبيضان، والفوني خير منه. وبعد مسيرة عشرة أيام من أيوالاتن وصلنا إلى قرية زَاغري "وضبطها بفتح الزاي والغين المعجم وكسر الراء"، وهي قرية كبيرة يسكنها تجار السودان ويسمون وَنْجَرَاته "بفتح الواو وسكون النون وفتح الجيم والراء وألف وتاء مثناة وتاء تأنيث". ويسكن معهم جماعة من البيضان يذهبون مذهب الإباضية من الخوارج، ويسمون صَغَنَغُو "بفتح الصاد المهمل والغين المعجم الأول والنون وضم الغين الثاني وواو" والسنيون المالكيون من البيض يسمون عندهم تُوُرِي "بضم التا المثناة وواو وراء مكسورة". ومن هذه القرية يجلب أنلي إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>