للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا من النمط العالي من الشعر. وقال فيها عرقلة الدمشقي الكلبي:

الشام شامة وجنة الدنيا كما

... إنسان مقلتها الغضيضة جلّقُ

من آسها لك جنة لا تنقضي ... ومن الشقيق جهنّم لا تحرق

وقال أيضا فيها:

أما دمشق فجنات مُعجَّلة ... للطالبين بها الوِلدان والحورُ

ما صاح فيها على أوتاره قمرٌ ... إلا يغنّيه قُمريّ وشحرورُ

يا حبّذا ودروع الماء تنسجها ... أناملُ الريح إلا أنها زُورُ

وله فيها أشعار كثيرة سوى ذلك. وقال فيها أبو الوحش سبع بن خلق الأسدي:

سقى دمشقَ الله غيثاً مُحسَناً ... من مستهلّ ديمة دهاقها

مدينة ليس يُضاهي حُسنها ... في سائر الدنيا ولا آفاقها

توَدُّ زَوراء العراق أنها ... منها ولا تُعزى إلى عراقها

فأرضُها مثلُ السماء بهجة ... وزهرُها كالزُّهر في إشراقِها

نسيمُ روضها متَى ما قَدْ سَرَى ... فَكَّ أخا الهموم من وَثاقها

قد رتع الرَّبيع في ربوعها ... وسيقت الدنيا إلى أسواقها

لا تسأم العيون والأنوف من ... رؤيتها يوماً ولا استنشاقها

ومما يناسب هذا للقاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني فيها من قصيدة، وقد نسبت أيضاً لابن المنير:

يا برقُ هل لك في احتمال تحيةٍ ... عَذُبَتْ فصارَتْ مثل مائك سَلسَلا

باكِرْ دمشق بِمَشْق الحَيَا ... زهرَ الرياضِ مرصعاً ومكلَّلاً

واجرر بجيرون ذيولَك واختصص ... مَغْنى تأزّر بالعلا وتسربلا

حيث الحيا الربعي محلول الحيا ... والوابل الربعي مفري الكلا

وقال فيها أبو الحسن علي بن موسى بن سعيد العنسي الغرناطي المدعو نور الدين:

دمشق منزلنا حيث النعيم بدا ... مكملاً وهو في الآفاق مختصرُ

القصب راقصة والطير صادحة ... والزهر مرتفع والماء منحدر

وقد تجلت من اللذات أوجهها ... لكنها بظلال الدوج تستتر

<<  <  ج: ص:  >  >>