للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عسى أن ينفع المسلمين مقام سعيد بن زيد وضرار بن الأزور على الأبواب والأمير أبو عبيدة في مثل هذا الحرب وإنهم والله على وجل أن ينكشفوا من عظم شدتهم وحربهم وهول ما يلقونه قال فأسرعت إلى جراثيم الشجر فجعلت أكسرها وأعبي الحطب بعضه على بعض وعمدت إلى زناد كان معي فأوقدت النار واضرمتها فيه وعبيت عليه حطبا اخضر ويابسا حتى علا منه دخان عظيم وكانت علامتنا إذا أردنا أن يجتمع بعضنا إلى بعض بأرض الشام في الليل وقود النار واثارة الدخان قال فما هو إلا أن علا الدخان وتصاعد إلى الافق حتى نظراليه سعيد بن زيد وأصحابه وضرار بن الأزور وأصحابه فنادى بعضهم بعضا الحقوا الأمير أبا عبيدة رحمكم الله فإن هذا الدخان ما هو إلا من شيء عظيم والصواب أن نكون بخيلنا في موضع واحد فأسرعوا بخيلهم وساروا حتى أشرفوا على المسلمين وهم في شدة الحرب وأعظم الكرب وقد بلغت القلوب الحناجر وعملت السيوف البواتر وإذا بمناد هتف بهم يا حملة القرآن جاءكم النصر من الرحمن ونصرتم على عبدة الصلبان وإذا قد اشرف عليهم سعيد بن زيد وضرار بن الأزور في أوائل خيلهم وقد شرعا سنانهما وحملا في الروم وقد أيقن الروم إنهم الغالبون إذ ظهرت عليهم رايات المسلمين وكتائب المواحدين فالتفتوا ينظرون ما الخبر وإذا بالمسلمين من ورائهم وقد حالوا بينهم وبين مدينتهم فنادوا بالويل والخراب وظنوا إنه قد أتى للمسلمين نجدة ومدد وقد غرر بهم البطريق فلما نظر البطريق إلى تبلدهم زعق فيهم وقال: يا ويلكم لا ترجعوا إلى المدينة قد حيل بينكم وبينها وهذه مكيدة من مكايد العرب فلما سمعت الروم ذلك أحاطوا ببطريقهم كالحلقة المستديرة يحمي بعضهم بعضا فعدل بهم البطريق نحو الجبل ذات الشمال وكان سعيد بن زيد وضرار بن الأزور قد اقبلا بجيشهما عن يمين الحصن وشماله فحملوا عليهم واتبعوا آثارهم حتى طلعوا إلى الجبل والتجأت الروم إلى ضيعة في الجبل حصينة خالية من أهلها فاستند الروم إليها وتحصنوا فيها وتبعهم سعيد بن زيد في الخمسمائة فارس الذين كانوا معه وذلك أن الأمير أبا عبيدة رضي الله عنه لما نظر إلى هزيمة الروم نادى في المسلمين معاشر الناس لا يتبعهم أحد ولا يفترق جمعكم لاني اخشى أن تكون هزيمة القوم مكيدة لكم حتى إذا تفرق جمعكم زحفوا عليكم قال وأن سعيد بن زيد لم يكن يسمع النداء ولو سمع النداء ما تبع القوم.

قال الواقدي: لما تحصنت الروم في الضيعة قال سعيد بن زيد هذه طائفة قد أراد الله هلاكها فدوروا بهم وحاصروا في كل مكان ولا تدعوا أحدا يطلع رأسه إلى أن تلحق بكم المسلمون ويأتي إليكم أمر من الأمير أبي عبيدة ثم اقبل إلى رجل من عظماء المسلمين وقال له: اخلفني في قومي حتى انظر رأى الأمير ابي عبيدة ومن معه ثم أخذ معه زهاء من عشرين فارسا من أصحابه وسار حتى لحق بجيش المسلمين فلما نظر إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>