للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إني قد بعثت اليكم بثلاثة آلاف فارس مع جرفاس بن صليبا ودخل يوقنا مع أصحابه حتى استقر قراره في دار الامارة ودخل عليه شيوخ طرابلس والبطارقة وأهل الحشمة منهم فلما حصلوا عنده أمر بهم وقبض عليهم وقال: يا أهل طرابلس أن الله سبحانه وتعالى قد نصر الإسلام وأهله وقد كنا في عيش مظلم نسجد للصلبان ونعظم الصور والقربان ونجعل لله زوجة وولدا حتى بعث لنا هؤلاء العرب فهدانا وألحقنا بهم ببركة نبيهم صلى الله عليه وسلم وهو النبي المبعوث الذي ذكره الله في التوراة وبشر به عيسى المسيح وإن الإسلام حق وقوله الصدق ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وينطقون بالحق ويتبعون الصدق ويوحدون الله وينزهونه عن الصاحبة والولد ويجاهدون في سبيله وهو الذي أمر به أنبياءه ورسله فإما أن ترجعوا إلى دين الإسلام أو تؤدوا الجزية والا بعثتكم عبيدا للعرب وهذا ما عندي والسلام.

قال فلما سمعوا كلامه علموا أن يوقنا اجتاز عليهم وأخذ أصحاب الملك في الطريق فقالوا: أيها السيد نحن نفعل ما أمرتنا به فمنهم من أسلم ومنهم رضي بالجزية وعدل يوقنا فيهم وبعث إلى اصحاب الكمين فحلوا الأسرى فعرض عليهم الإسلام فأبقوا فأمر بحبسهم وبعث إلى أبي عبيدة بالخبر وما جرى له وبعث الكتاب مع الحرث بن سليم من وادي بني الأحمر وقال: يا عبد الله كن للأمير مبشرا بهذا الفتح قال سافعل ذلك أن شاء الله تعالى وسار بالكتاب حتى وصل إلى أبي عبيدة وسلم عليه وناوله الكتاب فلما قرأه وعلم معناه فرح وقال للحرث بن سليم ألم تستأذني أن تسير أنت وبنو عمك إلى وادي بني الأحمر فمن أوصلك إلى طرابلس قال أوصلني القضاء والقدر وذلك أن يوقنا أغار علينا وأخذنا أسرى وحدثه بحديثهم فعجب من ذلك أبو عبيدة وقال: اللهم ثبتهم وايدهم بنصرك.

قال: حدثني عامر بن أوس قال اخبرني ابن سالم قال: حدثني موسى بن مالك قال أن عمرو بن العاص لما ارتفع المطر رحل من الجابية ونزل على أبواب قيسارية وأما ما كان من أمر يوقنا فإنه لما ملك طرابلس واحتوى عليها واستوثق من سورها وأبوابها ترك أصحابه على الأبواب وقال: لا تدعو أحدا يخرج من الأبواب وكان في المرسى مراكب كثيرة فرفع آلاتها وأخذها كل ذلك ولا يعلم أحد من أهل الساحل بما صنع وقال: وبعد ايام جاءت مراكب كثيرة زهاء من خمسين مركبا فتركهم يوقنا حتى نزل أكثرهم إلى المدينة فأمر بهم إليه فاستخبرهم عن حالهم وقال من أين جئتم قالوا: جئنا من جزيرة قبرص ومن جزيرة أقريطش وقالوا: معنا العدد والسلاح مضروبة لملك فلسطين فاراهم الفرح والسرور وسلم عليهم وقال إني أريد أن اسير معكم ثم أمر بهم إلى دار الضيافة وبعث إلى قواد المراكب فأنزلهم وقدم لهم السماط فلما أكلوا قال إني

<<  <  ج: ص:  >  >>