هدرا وكتب إلى عمرو بن العاص يعلمه بذلك ويحذره من صاحب الاسكندرية وإنه أسر الفا ومائة من جملتهم ضرار وأخته وكانت تداويه وهي عنده فإذا وصل اليك كتابي هذا فاجتهد في خلاصهم وإن وقع في أيديكم أحد من القبط ففادوهم به ودفع الكتاب لزيد الخيل وأمره أن يسير إلى مصر فلما قدم زيد الخيل إلى مصر دفع الكتاب لعمرو بن العاص فلما قرأه صعب عليه وكان يحب ضرارا فأرسل الكتاب إلى خالد بن الوليد وكتب إليه يحثه بالمسير إلى اسكندرية وإنه يفتقد حال الأسرى فلما وصل الكتاب إلى خالد وقرأه صعب عليه أمر ضرار وأخته خولة.
حدثنا ابن اسحق قال: حدثنا عاصم بن منصور عن أحمد المروزي عن سلمة عن عبد الله ابن المبارك عن عبد العزيز عن أبيه قال لما أخذت النصارى حلل دوس وضرار واخته وعصفت عليهم الريح وغرق أحد المراكب ووصل الباقي إلى اسكندرية أوقفوهم أمام ابن المقوقس فأراد قتلهم فقال له: أرباب دولته أيها الملك لا تعجل عليهم واعلم أن العرب متوجهة اليك ولا بد لنا من قتالهم فإن أسر أحد منا ممن يعز عليك يكون عندنا من نفادي به ولعل أن نصالح العرب فاستصوب رايهم وقال ادفعوا هؤلاء الأسرى إلى دير الزجاج وأرسل معهم ألفي فارس يوصلونهم إلى الدير فجاءت عيون خالد وأخبروه بما وقع فقام وأخذ معه أصحابه وسار يطلب دير الزجاج فوصل خالد إلى الدير قبل وصول الأسارى ومن معهم فلما أحدقوا بالدير أشرف عليهم راهب كبير السن وكان اسمه مباحا وكان تلميذا لبحيرا راهب بصرى وكان مؤمنا بالله وبأنبيائه فقال له خالد: يا راهب كيف ترى الدنيا قال تنحف البدن وتجدد الامل وتقرب المنية وتقطع الامنية قال فما حال أهلها قال من نال منها شيئا نفضته ومن فاته منها شيء حسرته قال فما خير الاصحاب فيها قال العمل الصالح والتقي قال فما شر الاصحاب فيها قال اتباع النفس والهوى قال خالد: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: "الحكمة ضالة المؤمن يأخذها حيث وجدها" ثم قال كيف طابت لك الوحدة قال ألفتها قال فهل نلت منها فائدة قال: نعم الراحة من مداراة الناس قال فما أحسن هذا الاعتقاد لو كان في دين الإسلام والتوحيد قال فما أعرف غيره قال فما تقول في محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
قال سيد الرسل وخاتم الانبياء وصفى الاصفياء وحجة الجبار على الورى قال فلم لا تكون في بلاد الإسلام فهي أصلح لك من ههنا قال قلبي ملوث بحب الدنيا قال خالد: أعندك خبر بالعرب الأسرى الذين أرسلهم الملك هنا قال: لا والله ولكن مر بي البارحة بطريق وأسقف واستقيا ماء من بئر هذا الدير فسالتهما من أين أتيتهما فقالا من الاسكندرية واننا رسل الملك كيماويل صاحب أرض برقة وإنه أرسلنا إلى ملك.