للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التراب وقال: أي رب أين أجده وأناديه أم كيف التوصل إلى سبيل ناديه فقال اطلب نهر السلسبيل فهناك تجد إلى نظره سبيل فسار تحت مشيئة القدر إلى أن وصل إلى النهر فرأى ضوءا يلوح واسراره بصفات ما فيه تبوح ودار به المقربون والروحانيون والمسبحون والصافون والراكعون والساجدون وقطب عبادتهم دائرة على الاستغفار لأنه صاحب الافتخار وكلما سبحوا وسجدوا يستغفرون للذين آمنوا به قال فانتظم في سلكهم واسلك سبيل مسلكهم لتفوز بالنظر في جملة من حضر وإذا بنور أحمد قد تعلى ومن سرادقات قصره تجلى فسجدت الملائكة له بمعنى عظيم وقالوا: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:٤] فرد لما غشيه النور الوارد ونطق لسان حسده بما في جسده من ذا الذي ملأ الأكوان بعبادته وافتخر على الملائكة بخالص مجاهدته وإذا بالنداء معاشر الملائكة دعوا النظر إلى المغاني وحققوا النظر إلى الفضائل والمعاني فاحدقت الملائكة نحو القصر بالأعين وإذا في جوانبه أربعة أعين فقالوا: يا رب العزة قد تركنا المغني فما حقيقة هذا المعنى قال هذه العيون عيون أنهاره وسيوف أنصاره ومعالم سنته بحساب نسبته وأبواب علمه ومقر حكمه وزينة دينه وأعلام يقينه وأول عين هي عين التصديق والعين الثانية هي عين العدل والتحقيق والعين الثالثة هي عين النور والحياء والتوفيق والعين الرابعة عين العلم والتشريق فعين التصديق لصديقه وعين العدل لفاروقه وعين الحياء لصهره ورفيقه وعين العلم لأخيه وشقيقه فانظروهم بعين التبجيل والوقار وأكثروا لهم الدعاء والاستغفار فأنا الذي قلت فيهم: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران:١٧] .

فلما علم شوجوان كلام ورقة بن الصامت لم يرد عليه جوابا ولا أبدي له خطابا غير أنه عرف الحق فكتمه ولم يزل شوجوان في الدير حتى أخذ المسلمون حلب فانتقل إلى اشفكياص فاستوزره قال فلما استشاره في أمر يوقنا قال له: اعلم أيها الملك أن يوقنا من الملوك وأبناء الملوك وقد قرأ الكتب وأخوه كان أفضل منه في الدين وقد صحب هؤلاء العرب واطلع على سرائرهم ونظر إلى دينهم وربما أنه علم عند النظر أن دين المسيح افضل من دين هؤلاء العرب وقد هرب من أيديهم اليك فإن كان الرجل قد أتى بغير حمل ولا ثقل فاعلم أنه هارب من القوم اليك فيجب عليك أن تخرج إلى لقائه وتعظم شأنه وترفع مكانه فلما سمع اشفكياص ذلك خرج بعسكره للقائه وبقي الوزير في القلعة قال فسمعت ابنة يوقنا أن اباها قد أتى فنزلت تسبح فس سرب لها تحت الأرض مع جواريها وخدمها وقصدت القلعة الثانية فوجدت اشفكياص قد خرج للقاء أبيها والوزير شوجوان في مرتبة وزارته فقام اليها وصقع بين يديها وخدمها فجلست تتحدث معه فقال لها خذي على نفسك الحذر فإن الملك قد خرج وأخاف أن يبطش هذا اللعين بأبيك وأعلمي أنه ما تبع هؤلاء العرب إلا وقد.

<<  <  ج: ص:  >  >>