وأمر أن يخرج معه توتا الوزير ورودس صاحب حران وقال لهم: أن قدرتم أن تكبسوا العرب فافعلوا ومضوا في عشرين ألفا.
قال الراوي: واتت عياضا عيونه وأخبرته بما جرى وانهم قد اقبلوا اليك وهم رودس صاحب حران وصاحب كفر توتا وعمودا ابن الملك في عشرين ألفا وهم يريدون كبسكم في الليل فاستيقظوا لأنفسكم قال فجمع عياض وجوه الصحابة واستشارهم فقال خالد بن الوليد: اكتب من وقتك إلى عبد الله بن غسان وسهل بن عدي أن يسيروا الينا من قوتهم ويعلمهم بما قصد العدو فيكونون منهم على حذر فإذا قربوا منهم يكمنون لهم حتى يعبروهم ويصير أصحابنا من ورائهم ونكمن نحن عن يمينهم وشمالهم ثم نطبق عليهم فقالوا: كلهم هذا هو الرأي المصيب وخرج خالد في ألفين وكتب في الحال إلى عبد الله وسهل يأمرهما باللحوق بعسكر خالد ويوصيهما بما يفعلان وبعث الكتاب مع سراقة بن دارم فوصل إليهما في يومه على ناقة له فلما وصل وقرأ الكتاب ارتحلوا من ساعتهم وأطلع الصحابة على الخبر فركبوا وأنفذ عبد الله عيونه يتجسسون له خبر العدو.
قال الراوي: وأما خالد فإنه انفصل من عياض في ألفين ولم يأخذ بهم على الجادة بل ارسل ألفا عن يمين الطريق وأمر عليهم ابن سعدا وألفا عن يسار الطريق مع خالد وأمر سعدا أن لا يبعد عن الطريق وارسل عيونه.
قال الواقدي: انه لما سار عمودا وتوتا ورودس في العشرين ألف فارس لم يزالوا سائرين إلى أن بقي بينهم وبين عسكر عياض بن غنم عشرة فراسخ فنزلوا في مكان يستريحون ويعلقون على خيلهم ويلبسون لامة الحرب.
قال الواقدي: وسار جيش عبد الله بن غسان من ورائهم وسار خالد بن الوليد عن يمينهم ونجيبه بن سعد عن يسارهم وليس عند الروم خبر من ذلك فلما علم خالد أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أحدقوا بالقوم أرسل يعلم المسلمين أن يتأهبوا إلى وقوع الصوت قال فتأهبوا ثم أن خالدا أخذ خمسمائة من أبطال المسلمين وترك خمسمائة مع عدي بن سالم الهلالي وقال له: إذا رايت الحرب قد اشتعل نارها وتطاير شرارها فاخرج من كمينك ثم أن خالدا لما قصد جيش العدو بمن معه وتظاهر لهم رفعوا أصواتهم بالتهليل والتكبير قال فسمعت الروم أصواتهم فلبسوا سلاحهم ولم يركب منهم سوى رودس وأصحابه وهم خمسة آلاف ولم يكن فيهم مستيقظ سواه وتوتا مشغول مع عمودا قال: وإن صاحب حران استقبل خالدا واستصغر شأنه لما رآه في شرذمة قليلة فطمع فيه واشتغلت الروم بالنظر إليهم وقالوا: رودس يكفينا أمرهم قال فبينما هم.