وانقضت بازات أفراحهم من جو أتراحهم ومنادي جهادهم يناديهم يا أخيار:{سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}[الرعد:٢٤] .
قال الواقدي: ودارت بهم الأوغاد وشرعوا نحوهم الصعاد وأشرف يرغون وأصحابه على الهلاك وإذ باب السور قد فتح وخرج منه مائة فارس كالليوث العوابس وقد رفعوا اصواتهم بالتهليل والتكبير ونادوا يا من تعلقوا بكلمة التوحيد أبشروا بالنصر والتأييد ها نحن قد لبينا دعوتكم وخرجنا لنصرتكم وسوف نخلصكم من الأمر المهول فنحن أصحاب الرسول.
قال الواقدي: وكان هذا السور حصنا من الحصون وكان قد سلمه ميتا لاصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قد أرسل عياض بن غنم عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق في مائة فارس ليأتوه بالميرة وكان فيهم المقداد بن الأسود وضرار بن الأزور وسعد بن غنيم الأسدي ومعمر بن ماجد السلمي وباري بن مرة الغنوي وهلال بن عامر الأنصاري وعيينة بن رافع الجهني وخضر بن يعشور الفزاري ومثل هؤلاء السادات رضي الله عنهم أجميعن فلما وصلوا إلى السور تلقاهم طالوت صاحب الحصن وأنزلهم وأكرمهم وأمر لهم بالطعام وأقاموا عنده ثلاثة أيام حتى جاء يرغون وكان من أمره ما كان فلما سمعوهم يكبرون قالوا: هؤلاء قد دخلوا في ديننا وقد وجب علينا نصرتهم فخرجوا كما ذكرنا وحملوا على أعداء الله ونصروا يرغون ومن معه وانهزموا في الليل إلى مرج رغبان إلى الملك شهرياض فاخبروه بما جرى عليهم قال فأيقن بذهاب ملكه قال فلما أصبح يرغون أتى إلى الصحابة وشكر الله إذ نجاه ومن معه على أيديهم وقد ازدادوا إيمانا وحدث الصحابة بما كان من أمرهم وسار معهم إلى عياض بن غنم فلما جازوا على ماردين نزل إليهم ميتا وكان قد بلغه ما جرى فسلم عليهم وهناهم بالسلامة وقال ليرغون وأصحابه أن كنتم تريدون الثواب الجزيل من الملك الجليل فتمموا إسلامكم بما ألقيه عليكم فقال يرغون وكيف العلم قال ميتا انزل ههنا أنت ومن معك فإذا غربت الشمس فسيروا على بركة الله وعونه واقصدوا كفرتوتا فإذا جئتم إليهم ليلا فقولوا لاهلها نحن قد وجهنا الملك اليكم لحفظ المدينة فإذا صرتم داخلها فثوروا على اسم الله وبركة نبيه قال ففعل ذلك يرغون وجلس إلى أن جن الليل وارتحل بجيشه وثقله وودعوا الصحابة وساروا بالميرة وسار يرغون إلى أن وصل إلى كفرتوتا وكان آخر الليل والفجر بدر فلما وصل اليها أمر أصحابه أن يرفعوا أصواتهم بذكر شعارهم حتى لا ينكر عليهم القوم وجاءت الاثقال: والبغال وسمع أهل كفرتوتا ضجة العسكر فاشرفوا عليهم من أعلى السور وسألوهم من أنتم قالوا: نحن من عسكر الملك شهرياض وقد بعثنا لنكون عونا لكم.