للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبيه واننا نزلنا على نهمشير بعد ما لقينا فيما بين القادسية ونهمشير عسكرا مع قرط بن فيروز وظفرنا الله به وبمن معه وإن فيروز قتله هاشم وانهزم من بقي معه ونزلنا بعد ذلك على نهمشير وبثثنا عساكرنا فاصابوا من الفلاحين ألف نفر فما رأيك فيهم فأجابه أن من أتاكم من الفلاحين إذا كانوا مقيمين على عهدكم ولم يعينوا عليكم عدوكم فلهم أمانهم ومن لم يأتكم وهرب منكم وأدركتموه فشأنكم وإياه افعلوا فيه ما شئتم فلما جاء الكتاب خلى سبيلهم وأرسل وراء الدهاقين فدعاهم إلى الإسلام أو الجزية فأجابوا إلى أداء الجزية قال: وأما أهل مدينة نهمشير فشرعوا يرمون عسكر المسلمين بالسهام والحجارة والمجانيق فلما نظر سعد إلى ذلك دعا سرزاد وقال له: أن أهل هذا البلد لم يتركوا للصلح موضعا وأريد منكم أن تصنعوا لنا مجانيق ففعل سرزاد وعمل مجانيق فما مضت ثلاثة أيام حتى صنع له ذلك ونصب له ذلك على نهمشير أكثر من عشرين منجنيقا فاشغلوهم بها عن قتال المسلمين والعرب فرحت بذلك فلما طال على البلد الحصار خرجوا يقاتلون المسلمين وتبايعوا على الصبر فقاتلهم المسلمون قتالا شديدا وترامت الفرس بنشابها والعرب بنبالها وقاتل زهرة بن الجدرية قتالا يرضي الله ورسوله ثم أن زهيرا قال لسعد دعني أتقدم لعلي أرمي بنبلة أو اضرب بسيفي هذا ضربة فتقدم ودخل العدو فتلقاه فارس اسمه شهرياض فحمل عليه وطعنه طعنة أخرج بها أمعاءه وقتله فاجتمعت عليه الأعاجم فقتلوه وانهزموا ودخلوا المدينة وأغلقوا الأبواب وصعدوا على الاسوار وبعدها أشرف علينا رجل منهم وقال أن الملك يقول لكم هل لكم في الصلح على أن لنا ما بين دجلة إلى هنا ولكم ما يأتيكم من دجلة إلى خيلكم فتقدم إليه أبو مقرة الاسود بن قطينة وقد أنطقه الله بما لا يدري ما هو فأجابه بالفارسية وهو لا يعرف منها شيئا ولا يحسنها قال فرجع الرجل على السور فقلنا لأبي مقرة ما قلت له فقال: والذي بعث محمدا بالحق ما أدرى ما قلت له إلا أن الله أنطقني بشيء ولعل أن يكون فيه خير للمسلمين ولا زالوا يسألونه حتى ساله سعد بن أبي وقاص.

فقال: والله يا أمير ما أعلم ولا أدري فتعجب سعد من ذلك وأمر الناس بالزحف والرمي وإن لا أحد من أهل المدينة يظهر لهم ولا يبين فقلنا لعلهم أن يكونوا يكيدوننا بمكيدة وإذا نحن في اليوم الثاني برجب قد خرج الينا وهو ينادي الأمان الأمان فأمناه وأتينا به إلى الأمير سعد فقال له: ما الخبر قال أن القوم ليسوا في المدينة وقد هربوا فقال سعد ومن أي شيء هربوا فقال الرجل أن الملك بعث اليكم رسولا يعرض عليكم الصلح فأجبتم أنه لا يكون بيننا وبينكم صلح أبدا حتى نأكل عسل افريزيا نوح تركوا المتاع والاموال والرجال ولم يكن لهم غنيمة إلا أنفسهم قال فلما ألسنتهم وترد علينا وتجيبنا عن العرب ووالله لئن لم يكن كذلك والا فإنما هو شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>