كله إلى سعد وأعلموه بأن ابنة كسرى معهم فقرأ سعد قوله تعالى:{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ}[آل عمران: ٢٦] الآية ثم أشرف سعد على ما بقي من الخزائن فوجد صندوقا عظيما ظاهره وباطنه بالديباج المذهب وفي داخله بساط كسرى وهو البساط الذي كان يفتخر به على الملوك ملوك الدنيا كله ذهب منسوج بالحرير منظوم بالدر واليواقيت الملونة والمعادن والجواهر المثمنة والزمرد وكان طوله ستين ذراعا قطعة واحدة في جانب منه كالصور وفي جانب كالشجر والرياض والازهار وفي جانب كالأرض المزروعة المقبلة بالنبات في الربيع وكل ذلك من الحرير الملون والمعادن على قضبان الذهب والزمرذ والفضة وكان الملك لا يبسطه إلا في أيام الشتاء في ايوانه إذا قعد للشراب وكانوا يسمونه بساط النزهة والمسرات فيكون لهم شبه الروضة الزهراء فلما رآه العرب قالوا: والله هذه قطيفة زينة قال: ولما قسم سعد على الناس الغنائم أصاب الفارس اثنا عشر ألف دينار وكلهم كانوا فرسانا ولم يكن فيهم راجل وأخرج للغائبين مع النساء والحريم في الحيرة نصيبهم وقسم الدور بين الناس وكان قد ولى القبض عمرو بن عمرو المدائني وولى القسمة سليمان بن ربيعة وكان فتح المدائن في شهر صفر وأخرج الخمس لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وأراد أن يقسم البساط فلم يدر كيف يقسمه فقال سعد معاشر المجاهدين إني رأيت من الرأي أن نرسله إلى عمر ليصنع فيه ما يختاره فأجابوه على لسان واحد نعم ما رأيت أيها الأمير فردوه إلى صندوقه وأضافه إلى الخمس وكتب إلى عمر رضي الله عنه يقول بسم الله الرحمن الرحيم إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه من عامله على العراق سعد بن أبي وقاص أما بعد فسلام عليك وإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم على ما منحنا الله الظفر على العدو الذي أطاع شيطانه وأرخى في ميدان الغي عنانه وقد أجرانا الله سبحانه على جميل العادة وأخذنا الملك من يزدجرد بن كسرى في كثرة أطواده واحتزاز رؤوس أجناده الذين جاست الهيبة ديارهم وضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وإن الكافرين لا مولى لهم وقد انهزم عدو الله بعد ما قتلنا جنده وأخذنا ابنته واننا منتظرون أمرك فيما يكون بعد هذا ونحن مقيمون على المدائن والسلام عليك وعلى جميع المسلمين ورحمة الله وبركاته وسلم الكتاب والمال إلى بشر وضم إليه خمسمائة فارس وسلمه ابنة كسرى بمحفتها وخدمها ثم أن سعدا رأى رايا أن يسير بشيرا يبشر عمر بفتح المدائن وبقدوم الخمس وبما انعم الله على المسلمين ليكون أزيد هيبة وبهجة بالفتوح فأرسل جيش بن ماجد الاسدي أو ابن هلال والله أعلم فخرج على ناقته وقصد المدينة يجد السير قال: وكان عمر رضي الله عنه في كل يوم بعد ما يصلي الصبح يقرأ ما تيسر ويركب ناقته ويتوجه نحو طريق العراق ويرتقب ما يرد عليه من أخبار المسلمين.