للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال عمر رضي الله عنه والله لقد صدقت وبقليل من فضله قد نطقت ثم أمر له بخلعة وعشرة آلاف درهم ثم قال: أيها الناس من يقم منكم فقام عثمان بن عفان وقال أنا من جهز جيش العسرة وحفر بئر رومة وألف القرآن وجمعه وختمته في ركعتين وتزوجت الابنتين وصليت إلى القبلتين وأنفقت المال في حبه وأنزل الله في حقي: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} فقال عمر رضي الله عنه أحسنت يا أبا الفتيان فمثلك من رفض الكذب وأبان الحق وأمر له بعشرة آلاف درهم ثم إنه نظر إلى الأخوين الزاهدين والغصنين النضرين سيدي شباب أهل الجنة وريحانتي نبي هذه الامة وقال لهما يا حبيبي ما الذي أخركما من مثلكما يفتخر وقال ألستما سبطي الرسول أليست أمكما فاطمة البتول أليس أبوكما سيف الله المسلول أليس في بيتكما نزل التأويل أليس كان سادسكما تحت العباء جبريل اليس فيكما أنزل الله الجليل: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: ٩١] فإن افتخرتما فلكما الفخر البليغ ثم أمر لكل واحد منهما بعشرين ألف درهم فقال علي لله درك يا عمر ومن مثلك تكلم ونشر ومدح أهل البيت وأثنى وذكر خيرا وشكر ثم قال: أيها الناس من كان لأبيه سابقة فليقم.

فقام عبد الله بن عمر رضي الله عنه وقال: يا أبت أما أنا ابنك وأنت أبي لك الفضائل والحمد والافتخار في الامة وذلك الوقار والرجاحة والفصاحة والنصاحة نصرت الإسلام والمرسلين واتبعت سنن سيد المرسلين وأنزل في حقك ارحم الراحيمن: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال:٦٤] وأنت الذي أظهرت الإسلام جهرا وقلت لا يعبد الله سرا فقال عمر يا بني الشقي من يغتر بالدنيا الساحرة والسعيد من يعمل للآخرة وقرأ: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت: ٤٦] ثم أمر له بألف درهم فقال: يا أبت انا هجرت وأنفقت ونصرت وزعزعت مواكب الروم وما قصرت وتأمر لي باليسير من مال الله الكثير وتعطي هؤلاء ما أعطيت فقال: يا بني اسلك طريق الانصاف ولا تتبع الاسراف وأنا اقول لك أن كان لك جد كجدهما أعطيتك أو أم كأمهما وفيتك وإن كان لك أب كأبيهما أرضيتك يا بني كل نسب يضمحل يوم القيامة ويخفي إلا نسب البتول ولما فرغ من ذلك أمر بابنة كسرى أن يوقفوها فاوقفت بين يديه وعليها من الحلى والحلل والزينة والجواهر شيء كثير وأمر أن ينادي عليها فقال للمنادي أزل عنها هذا القناع ليزاد في ثمنها فتقدم اليها المنادي ليزيل عنها ذلك فامتنعت وضربته في صدره فغضب عمر وهم أن يعلوها بالدرة وهي تبكي فقال علي كرم الله وجهه مهلا يا أمير المؤمنين فإني سمعت قول رسول الله يقول: "ارحموا عزيز قوم ذل وغني قوم افتقر" فسكن غضب عمر رضي.

<<  <  ج: ص:  >  >>