للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان كريم العم والخال سيدا. ... إذا قام سوق الحرب لا يعرف الوجل.

أحاطت به خيل اللئام بأسرهم. ... وقد مكنوا منه المهند والأسل.

وعيشك تلقاهم صراعا على الثرى. ... عليهم يسوق الوحش والطير محتفل.

فوا أسفا لو أنني كنت حاضرا. ... بأبيض ماضي الحد في الحرب مكتمل.

وحق الذي حجت قريش لبيته. ... وأرسل طه المصطفى غاية الأمل.

لأقتل منهم في الوغى ألف سيد. ... إذا سلم الرحمن واتسع الأجل.

قال الواقدي: وأقبلت الأمراء يعزون خالدا ومدامعهم تفيض من عيونهم ويقولن أعظم الله لك أجرا وأعقبك عليه صبرا وجعله لك غدا في المعاد ذخرا والله لقد عدمنا القوى وقد أبيد القلب من حشاشتنا واكتوى ونحن لقتله ذاهلون: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: ١٥٦] وكذلك يعزون المقداد في ولده عبد الله وبلغ الخبر عمرو بن العاص بمصر وهو مقيم بها فكتب لهما كتابا بالتعزية وبلغ الخبر المدينة لعمر بن الخطاب فاسترجع هو وبقية الصحابة مثل علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله ومن كان حاضرا من الصحابة بالمدينة الطيبة رضي الله عنهم وكتبوا إلى خالد والمقداد كتابا يعزونهما فلما وصل الكتاب إلى خالد والمقداد اطمأنا لما عليهما من الصبر وما لهما من الاجر والثواب.

قال الواقدي: هذا ما جرى لهؤلاء وأما البطليوس لعنه الله فإنه لما تحقق مجيء العرب إلى مدينة البهنسا فتح خزائن الاموال وفرق المال والسلاح والعدة من الملبوس والدروع وغير ذلك وفرق على البطارقة وعلى غيرهم من الجند وكان هناك بيت مقفل كما ذكرنا فيه صفة العرب وأسماؤهم فأمر بفتحه وهو يظن أن فيه مالا مدخرا فمنعه القسوس والرهبان من ذلك فأبى ففتحه فلم يجد فيه إلا صفة العرب وأسماءهم كما ذكرنا أول الكتاب فنظر لذلك ودخل الكنيسة وجلس على سريره وجمع حوله البطارقة فاستشارهم في أمره فقام شيخ كبير راهب وكان مطاعا عنده مسموع الكلام كبير السن وكان عمره مائة وعشرين سنة فقام وعليه جبة سوداء وعلى رأسه قلنسوة وفي يده عكازه من الآبنوس ملبسة بالعاج والذهب فقرب من الهيكل وتكلم بكلام لا يفهم ثم قال بعد ذلك يا أهل دين النصرانية وبني ماء المعمودية قد كانت دولتكم قائمة وكلمتكم مسموعة ما دمتم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتعدلون في الرعية وتأخذون للمظلوم من الظالم وتنصفون الضعيف من القوي وتواسون الفقير ولا تمدون أيديكم إلى شيء من أموال الناس وتهابون الزنا وكانت الدولة لكم وقلوب الرعية منجذبة إليكم وداعية لكم وكان الملك فيكم ولما لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر وظلمتم الرعية وجرتم في الاحكام وحكمتم بغير الحق ولا تأخذون للضعيف حقه من

<<  <  ج: ص:  >  >>