للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر الحديث بكماله (١)، فجعل مكان عمرو بن سعيد: عمرو بن الزبير، كما ترى.

ورواه يونس بن بُكَير، عن محمّد بن إسحاق بإسناده فقال فيه: لمّا بَعَث عمرو ابن سعيد البَعثَ إلى ابن الزبير دخلتُ عليه، وذكر الحديث.

فوافق الليثَ على قوله: "عمرو بن سعيد"، وهو الصواب إن شاء الله تعالى.

وأمّا قوله في الحديث: "لاَ يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلاَ يَعْضُدَ بِهَا شَجَرَةً" فمعناه والله أعلم: أنّه لا يَحِلُّ لأَحدٍ فيها قِتال أحدٍ بتأويل يُخالفه فيه منازعُه، وعلى هذا المعنى كان مَخرَج الحديث من أبي شُرَيح، ومَن شَهِد القصّةَ والتَّنْزيلَ كان أعلم بالتأويل.

واختَلفَ أهلُ العلم في هذا المعنى (٢):


(١) أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (٥/ ٨٣) باب خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح وفتاويه وأحكامه بمكّة، وهي - أيضًا - عند ابن جرير في "تفسيره" (١/ ٥٩١)، إلّا أنّه عنده مختصر، لم يذكر محلّ الشاهد، أعني قوله فيه: "لمّا بعث عمرو بن سعيد ... ".
وقد وافق يونس بن بكير جماعة من الرواة عن ابن إسحاق في قوله هذا، منهم: محمّد ابن مسلمة، ويحيى ابن زكريّا بن أبي زائدة عند الطبراني في "الكبير" (٢٠/ ٤٨٥)، وآخرون.
فينظر: "إتحاف المهرة" لابن حجر (١٤/ ٢٩٩).
(٢) اختلف أهل العلم في قتال الكفّار والبغاة على أهل العدل في الحرم إذا لم يبدؤوا بالقتال، فذهب طاووس والحنفية، وهو قول ابن شاس وابن الحاجب من المالكية، وصحّحه القرطبي، وقول القفّال والماوردي من الشافعية، وبعض الحنابلة إلى أنّه يحرم قتالهم في الحرم مع بغيهم، ولكنّهم لا يطعمون ولا يسقون ولا يؤوون ولا يبايعون حتى يخرجوا من الحرم.
وقال الشافعية في المشهور عندهم وصوّبه النووي: إنّه إذا التجأ إلى الحرم طائفة من الكفّار أو طائفة من البغاة أو قطّاع الطريق يجوز قتالهم في الحرم، وهذا قول سند وابن عبد البرّ من المالكية، وصوّبه =

<<  <   >  >>