للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلاَ تَقْرَبُوهُ".

هذه رواية عبد الرزّاق [عن مَعمَر] (١) عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ورواه عبد الواحد بن زِياد عن مَعمَر بهذا الإسناد، وقال فيه: "وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَاسْتَصْبحُوا بهِ" (٢).

واختَلَفَ العَلماءُ في الاستصباح (٣) بالزيت والمائع تَقَع فيه الميتة وفي بيعه (٤)، ولم يَختَلِفوا في أكل ما وقعت فيه الميتة من المائعات غير الماء وشربه ذلك أنّه لا يجوّزه إلّا مَن شَذَّ عنهم (٥)، وقد ذكرنا حكم الزيت يقع فيه الميتة، وما في ذلك للعلماء من الأقوال


(١) في الأصل بدونها، والسياق يقتضيها.
(٢) سبق تخريجه والحكم عليه (ص ١١٧).
(٣) الاستصباح في اللغة مصدر استصبح، بمعنى: أوقد المصباح، وهو الذي يشتعل منه الضوء، واستصبح بالزيت ونحوه: أمدّ به مصباحه، كما في حديث جابر الذي أخرجه البخاري: "ويستصبح بها الناس"، أي يشعلون بها سرجهم.
انظر لهذا: "لسان العرب"، و"تاج العروس"، و"الصحاح"، و"القاموس"، و"المعجم الوسيط"؛ مادّة (صبح)، و"النهاية في غريب الحديث" (٣/ ٧).
(٤) ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الاستصباح بالمتنجّس في المسجد لا يجوز، وإن كان في غير المسجد فجائز.
انظر في هذا الخلاف: "التمهيد" (٩/ ٤١، ٤٢)، "حاشية ابن عابدين" (١/ ٢٢٠)، و"جواهر الإكليل" (١/ ١٠، ٢/ ٢٠٣) الحلبي، و"إعلام الساجد" للزركشي (ص ٣٦١)، و"مجموع فتاوى ابن تيمية" (٢١/ ٨٣، ٦٠٨).
(٥) والمقصود هنا مَن قالوا: بأنّ المائع إذا وقعت فيه نجاسةٌ لا يَنجُس إلّا إذا تَغيَّر، وهو قول داود بن علي الظاهري، الذي سمّاه المصنِّف من الشاذَّين في كتابه "التمهيد" (٩/ ٤٠)، وكذا قال ابن حزم في "المحلّى" (٦/ ١١٦)، لكن خَصَّه بغير السمن، أمّا السمن فلا يَحِلُّ أَكلُه إن كان ذائبًا، سواء مات الفأر فيه أو لم يمت، أمّا إذا وقع فيه غيرُ الفأرِ فلا يَحرُم عنده إلّا إذا تغيّر أيضًا. =

<<  <   >  >>