للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والآثار في كتاب "التمهيد" (١).

وأمّا الذي سألتَ عنه، كيف أصلُ أهلِ المدينة؟ وأَحبَبتَ تلخيصَ ذلك وإظهار وجه الصواب فيه.

فالجواب عن ذلك؛ أنّ أصلَ أهلِ المدينةِ في الماء كتاب الله عز وجل وسنن رسوله - صلى الله عليه وسلم -:

* أمّا الكتاب، فقول الله تبارك وتعالى اسمه: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: ٤٨]، فسَمَّى اللهُ الماءَ طَهورًا، و"الطَّهور": هو "المُطهِّر لغيرِه"، مثل الضَّروب والقَتول، وهو الذي يُكثِر الضَّربَ والقَتل والفعل في غيره، وقد يكون - أيضًا - بمعنى "طاهر" مثل: صابر وشاكر وصَبور وشَكور وضارب وقاتل، والمعنيان جميعًا في الماء صحيحان، والماء القَراح الصافي، كماء السماء وماء البحار والأنهار والعيون والآبار، إذا لم يخالطه شيءٌ فهو طاهر مُطهِّر؛ وهذا ما لا خلاف فيه بين المسلمين.

والماء الذي وصفنا طاهر مُطهِّر بإجماعٍ، فلا وجه للإكثار فيه، قال الله عز وجل: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ} [المؤمنون: ١٨]، وقد تقدَّم أنَّ الماء النَّازل من السماء طَهور.

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المَاءُ طَهُورٌ لاَ يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ" (٢).


= وكذا عزاه الحافظ لأحمد في إحدى الروايتين عنه، وقال: "هو اختيار البخاري، وقول ابن نافع من المالكية، وحُكِي عن مالك" انظر: "الفتح" (٩/ ٦٦٩).
(١) انظر: "التمهيد" (٩/ ٤١)، وانظر تفصيلًا جيّدًا في هذا كتاب "الاستذكار" (٨/ ٥٠٧ - ٥١٠).
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ٣١)، وأبو داود في (الطهارة، رقمه ٦٦)، والترمذي في (الطهارة، ورقمه ٦٦)، وكذا النسائي (١/ ١٧٤)، وابن الجارود في "المنتقى" (رقم ٤٧)، والدارقطني في "السنن" (ص ١١)، والبيهقي (١/ ٤ - ٥)، من طرق عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير عن محمّد بن كعب عن عبيد الله ابن عبد الله بن رافع بن خديج عن أبي سعيد الخدري به. =

<<  <   >  >>