للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• وأجمعوا أنّ الماء الطاهر - كثيرًا كان أو قليلاً - إذا خالطته النجاسةُ فغَلَبَت عليه، أو ظَهَرَت فيه برِيحٍ أو لَونٍ أو طَعمٍ؛ أنَّها قد أفسدته، وأنَّه قد حَرُم كما حَرُمت النجاسةُ، وخرج من حكم الطهارة.

• وكذلك أجمعوا أنّ الماء المُستَبحرَ الكثيرَ إذا دخلت فيه النجاسة فلم تظهر فيه بلَونٍ ولا طَعمٍ ولا رِيحٍ ولا أثر أنَّ ذلك الماء الطاهر مُطهِّر كما كان، سواء في الحكم طهارته.

فإن كان الماء قليلاً أوكان غيرَ مُستَبحرٍ، وحَلَّت فيه النجاسة، فلم يَظهَر فيها لَونٌ ولا طَعمٌ ولا رِيحٌ؛ فهذا موضعٌ كَثُر فيه النِّزاع والاختلاف قديمًا وحديثًا (١)، واختَلفَتْ فيه الآثار - أيضًا - وأصلُ أهلِ المدينةِ فيه؛ وهو - أيضًا - مذهب أهل البَصرة، وإليه ذهب اكثرُ أهلِ النَّظرِ، وهو الذي اختاره أكثرُ أصحابنا (المالكيّين) (٢) من البغداديين؛ أنَّ ذلك الماء طاهر مُطهِّر قليلاً كان أو كثيرًا؛ لأنَّ الماءَ لا يُنجِّسُه شيءٌ إلاَّ ما غلب عليه، ولو نَجَّسه غيرُ ما يَغلِب عليه (لمَا) (٣) صحَّت به طهارتُه لأحَدٍ أبدًا، ولو كان القليل منه


= قال الترمذي: "حديث حسن، وقد جوّد أبو أسامة هذا الحديث، فلم يرو أحد حديث أبي سعيد في بئر بضاعة أحسن ممّا روى أبو أسامة، وقد روي هذا الحديث من كير وجه عن أبي سعيد".
وقال الألباني في "الإرواء" (١/ ٤٥): "صحيح".
(١) أَطلَق ابنُ القاسم القولَ بتَركِ استعمال القليل المخالَط بالنجاسة، وإن كان لم يتغيرّ والعدولِ إلى التيمّم، وقال أيضَا: "وإن توضّأ به وصلّى أعاد ما دام في الوقت".
قال ابن شاس: "فحُمِل قولُه بالترك على الكراهية لتقييده الإعادة بالوقت، وحُمِل على التنجيس لإطلاقه القول بترك استعماله، والعدول إلى التيمّم، ورواية الدنيّين أنّه طهور، لكن كرهوه للخلاف فيه" انظر: "عقد الجواهر" لابن شاس (١/ ٨).
(٢) في الأصل: "المالكيّون"، والأصوب ما أثبتُّ على أنه صفة.
(٣) في الأصل: "الماء"، وهو خطأ واضح من الناسخ.

<<  <   >  >>