للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عائشة أمِّ المؤمنين؛ ألا ترى في قراءة أُبيّ بن كعب - رحمه الله -: "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالمُؤْمِنِيِنَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَهُوَ أَبٌ لهُمْ" (١).

وقد كان للمؤمنين أمّهات عدّة (يسافرن) (٢) في الحجّ والعمرة وغيرها، فما بَلَغَنا عن واحدة منهنّ أنّها تأوّلَت هذا التأويل.

وقد تأوّلت طائفة على عائشة - رحمها الله - تأويلاً أضعف من هذا، لا يليق منّا قَبوله ولا ذكره، ولا يليق بنا مثله.

والذي يجوز أن يُتَأوّل عليها ما قد وافقها فيه غيرُها، فقد أتَمَّ الصلاة في السفر جماعةٌ من السلف الصالح منهم عثمان بن عفّان وسعد بن أبي وقّاص (٣) وغيرهما.


(١) وذكر ابن كثير والقرطبي وغيرهما هذه القراءة في تفاسيرهم، عند قوله تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} من الآية نفسها، وهي قراءة لابن عبّاس - أيضًا - كما ذكر ذلك المصنّف في "التمهيد" (١١/ ١٧١)، وكذا المفسّرون عند هذه الآية.
(٢) في الأصل: "يسافرون"، والصواب المثبت، لتعيّن التأنيث.
(٣) أخرجه عبد الرزّاق (٢/ ٥٦٠ - ٥٦١) ورقمه (٤٤٥٩ و ٤٤٦٠)، والطحاوي (١/ ٤٢٤) مختصرًا؛ عن أبي بكرة عن روح عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: "أيّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يوفي الصلاة في السفر فقال: لا أعلمه إلاّ عائشة - رضي الله عنها - وسعد بن أبي وقاص".
أقول: وهذا إسناد منقطع؛ لأنّ عطاء لا يذكر له سماع من سعد، فهو بهذا مرسل، وقد قال الحافظ في ترجمته في "التقريب": "ثقة فقيه فاضل لكنّه كثير الإرسال".
أخرج الطبري في "تهذيب الآثار" (٢١٥٤) قال: حدّثنا ابن المثنّى حدّثنا محمّد بن جعفر حدّثنا شيبة عن عبد الرحمن بن القاسم حدّثنا شيخنا - يعني: ابن أبي مليكة - عن المسور بن مخرمة عن أبي مخرمة: "أنهم كانوا يصلّون مع سعد بقرية من قرى الشام أربعًا، وسعد يصلّي ركعتين"، وهذا إسناد صحيح.=

<<  <   >  >>