للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تُؤُوِّل على عثمان في إتمامه تأويلات لم يُرْوَ شيءٌ منها عنه، وإنّما هي ظنون وتوجيهات، والله أعلم (١).

وقد عاب ابن مسعود على عثمان بالإتمام في سفره ثمّ أدام عثمان الصلاة، وفي ذلك الوقت يصلّي ابن مسعود خلفه وأتمّ معه، فقيل له: أنت تَعِيبُه بالإتمام وتتمّ معه؟ فقال: "الخلافُ شرٌّ" (٢).

فلو كان القصر عند ابن مسعود فرضًا لم يتمّ معه ولم يُصَلِّ خلفَه، ولكنّه كان عنده والله أعلم - سنّة ورخصة، فكَرِه خلاف إمامه فيما قد أبيح له، ومثل قصّة ابن مسعود هذه حديث سلمان.


= وأخرجه الطحاوي من طريقين (١/ ٤١٩ - ٤٢٠)، في الأوّل منهما حبيب بن أبي ثابت، مدلّس ولم يمرّح بالسماع، وفي الثاني رجل مبهم؛ لأنّ مالكًا قال: عن الزهري أنّ رجلاً أخبره، وفِي هذين الطريقين: "قيل لسعد: نراك تقصر؟ فيقول: نحن أعلم".
(١) ذكر المصنف في "التمهيد" بعضها، وذكرها ابن القيّم في "زاد المعاد" (١/ ٤٥١ - ٤٥٣)، فمنها:
• أنّه أخذ بالمباح في ذلك، إذ للمسافر أن يقصر وأن يتمّ، كما كان له أن يصوم وأن يفطر.
• أنّه إنّما أتمّ في السفر لأنّه كان له في تلك المنازل أهل ومال.
• إنّما أتمّها خوفًا من أن يتّخذها الأعراب سنة، ويعتقدوا أنّ فرض الصلاة ركعتين مطلقًا.
• أنّه أزمع أن يعتمر بعد الحجّ أي: نوى الإقامة بعد الحجّ.
(٢) أخرجه البخاري في [كتاب تقصير الصلاة (١٠٨٤) باب الصلاة بمنى]، وكذا في [الحجّ (١٦٥٧) باب الصلاة بمنى]، وأخرجه مسلم في [صلاة المسافرين وقصرها (٦٩٥) باب قصر الصلاة بمنى]، وأخرجه أبو داود في [المناسك (١٩٦٠) باب الصلاة بمنى، وزاد: "قال الأعمش: فحدّثني معاوية بن قرّة عن أشياخه: أنّ عبد الله صلّى أربعًا، قال: فقيل له: عبت عثمان، ثمّ صلّيت أربعًا؟ ! قال: الخلاف شرّ".
قال الألباني: "صحيح"، كما في "صحيح أبي داود" ورقمه (١٧٢٦).

<<  <   >  >>