للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا دليل على أنّها لا قصر فيها وإنّما هكذا فرضت؟

قيل له: لا دليل فيه على ما ذكرت؛ لأنّ عمر هو الذي روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّ القصر صدقة تصدّق الله بها على عباده، يعني: توسعة ورخصة ورحمة.

ومعنى حديث عمر - والله أعلم - إن صحّ عنه: "إنّ صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر"، يعني: إنّ ذلك تمام في الأجر غير نقص منه، وتمام في أداء فريضة غير نقص منها (١) بها كمَن صلّى أربعًا في الحضر سواء؛ كلٌّ قد أدّى فرضه وكُتب له أجرُه، هذا ما لا يدفع احتماله، والله أعلم.

على (أنّه) (٢) حديث كوفي، وقد اختُلِف في إسناده.


= وأمّا سماع عبد الرحمن بن أبي ليلى من عمر فقد اختلف فيه اختلافًا كبيرًا، وسبب ذلك والله أعلم اختلافهم في تحديد مولده، فقد نقل بعض المؤرّخين أنّه ولد لستّ سنين بقين من خلافة عمر، كما في "تاريخ بغداد" (١٠/ ٢٠٠)، و"التهذيب" وفروعه، وعند هؤلاء لم يصحّ سماعه.
بينما نقل آخرون أنّه ولد قبل ذلك، قال أبو نعيم في "الحلية" (٤/ ٣٥٣): "ولد في خلافة أبي بكر، وأسند عن عمر"، وقال الذهبي في "السير" (٤/ ٢٦٣): "ولد في خلافة الصدّيق - أو قبل ذلك - وحدّث عن عمر ... وقيل - هكذا على التمريض، والذهبي من أهل الاستقراء التامّ، وله الباع الطويل في هذا وفي نقد الروايات -: بل ولد في وسط خلافة عمر"، وقال مسلم في مقدّمة "الصحيح" (١/ ٣٤): "وأسند عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقد حفظ عن عمر بن الخطّاب"، والله أعلم.
وعلى هذا يكون الحديث صحيحًا، وقد صحّحه الشيخ الألباني كما في "الإرواء" (٦٣٨).
(١) كذا بالأصل.
(٢) في الأصل: "أن"، والصواب المثبت.

<<  <   >  >>