(٢) ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية - رضي الله عنه - كلامًا نفيسًا في عمل أهل المدينة وحجّيته، وقسّمه إلى مراتب: المرتبة الأولى: ما يجري مجرى النقل عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، كنقلهم لمقدار الصاع والمدّ، وكترك صدقة الخضروات والأحباس، وهذا حجّة باتّفاق العلماء. المرتبة الثانية: العمل القديم بالمدينة قبل مقتل عثمان بن عفان، وهذا حجّة في مذهب مالك، وهو المنصوص عن أبي حنيفة، وهو ظاهر مذهب أحمد، والمحكي عن أبي حنيفة يقتضي أنّ قول الخلفاء الراشدين حجّة، إذ لا يعلم عمل في هذه الفترة مخالف للسنّة. المرتبة الثالثة: إذا تعارض في المسألة دليلان، كحديثين وقياسين، وجهل أيّهما أرجح وأحدهما يعمل به أهل المدينة، ففيه نزاع، فرجّح به مالك والشافعي، ولم يرجّح به في مذهب أبي حنيفة، ووجه لأصحاب أحمد أنّه يرجّح به، وقيل: هو المنصوص عن أحمد. المرتبة الرابعة: العمل المتأخِّر بالمدينة، والذي عليه أئمّة الناس أنّه ليس بحجّة شرعية، قال: هذا مذهب الشافعي وأحمد وأبي حنيفة، وهو قول المحقّقين من أصحاب مالك كالقاضي عبد الوهّاب. انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٠/ ٣٠٣ - ٣١٠). (٣) في الأصل: "كثيرًا" بالنصب، وهو خطأ.