للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طريق "موطّئه" قصّة قتل المرأة مع جنينها، وحكم دمها إلّا لما بلغه فيه من الاضطراب، فقد اختلفت الرواية في هذا المعنى من الحديث اختلافا كثيرًا (١)، ولِمَا وجد العمل بالمدينة من نفي شبه العمد (٢)، والله أعلم.

وإنّ منهم جماعة ينفون ذلك (٣)، وهذا الحديث والقصّة كلّها مدارها على


(١) الاضطراب المدّعى من المصنّف هو ما ورد من اختلاف الروايات في الآلة التي ضُرِبَت بها أمِّ الجنين، ففي رواية يونس وعبد الرحمن في "الصحيح": "فرمت إحداهما الأخرى بحجر"، زاد عبد الرحمن: "فأصاب بطنها وهي حامل"، وكذا في رواية أبي المليح عند الحارث، لكن قال: "فخذفت"، وقال: "فأصاب قبلها"، ووقع في رواية أبي داود من طريق حمل بن مالك: "فضربت إحداهما الأخرى بمسطح"، وعند مسلم من طريق عبيد بن نضيلة عن المغيرة بن شعبة قال: "ضربت امرأة ضرّتها بعمود فسطاط، وهي حبلى، فقتلتها"، ذكره الحافظ في "الفتح" (١٢/ ٢٥٨)، وانظر: "التمهيد" (٧/ ١٠٧ - ١٠٨).
قلت: ولا يؤثّر هذا الاختلاف في المضروب به على صحّة الحديث، وألفاظه كلّها تدلّ على أنّ أمِّ الجنين ضُربت بآلة لا تقتل في الغالب، وأنّ القاتلة لم تقصد القتل، وهو ضابط شبه العمد، وقد بيّن المصنِّف سبب عدم رواية مالك لقصّة قتل المرأة وَقَوَدِها بأوضح مِمّا هو موجود في كتابنا هذا في كتابه "الاستذكار" (٨/ ٧٠)، فقال: "وأظنّه أسقطه لما فيه من القضاء بالديّة على عاقلة المرأة القاتلة بالحجر والمسطح - وهو العود - وذلك شبه العمد، وهو عنده باطل".
(٢) عرّف المصنِّف رحمه الله "شبه العمد" في "الاستذكار" (٨/ ٧١) بقوله: "هو أن يعمد الضارب إلى المضروب بحجر، أو عصا، أو سوط، أو عمود، أو ما الأغلب فيه أن لا يقتل مثله من الحديد وغيره"، وقال ابن قدامة في "المغني" (١١/ ٤٦٢): "ويسمّى: "عمدَ الخطإ"، و"خطأ العمد"، لاجتماع العمد والخطأ فيه".
(٣) روي عن عليّ بن أبي طالب، ذكره البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (٦/ ١٦٧)، وكذا هو قول الليث ابن سعد كمالك، ذكره عياض في "إكمال المعلم" (٥/ ٤٦٩)، وكذا قال المصنّف في "الاستذكار" (٨/ ١٦٤): "قد تابع مالكًا على نفي شبه العمد الليثُ بن سعد، وما أعلم أحدًا من فقهاء الأمصار على ذلك تابعهما". =

<<  <   >  >>