للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} فلا حجّة له فيما نزع به من ذلك بما ظنّه من تأويلها وقد كان يوسف رآها وهو غلام، وأمّا احتجاجه بنوم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في سفره عن صلاة الصبح حتّى طلعت الشمس، فجهلٌ وعَيٌّ وغباوة؛ لأنّه ليس من هذا الباب في شيء، وإنّما هو من باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنِّي أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ" (١)، وفي حديث آخر: "إِنِّي لأُنَسَّى لأَسُنَّ" (٢) - شكّ المحدّث - وكان نومه في سفره ذلك ليقع بيانه في أنّ الناسي


(١) الحديث أخرجه البخاري في [الصلاة (٤٠١) باب التوجّه نحو القبلة حيث كان]، ومسلم في [كتاب المساجد ومواضع الصلاة (٥٧٢) باب السهو في الصلاة والسجود لها].
(٢) الحديث أخرجه مالك في "الموطّأ" بلاغا في كتاب السهو (١/ ١٠٤/ رقم: ٢)، باب العمل في السهو.
قال أبو العبّاس الداني في "أطراف الموطّأ": "هذا غريب، يقال: إنّ مالكًا انفرد به".
وقال ابن عبد البرّ في "التمهيد" (٢٤/ ٣٧٥): "هذا الحديث بهذا اللفظ لا أعلمه يروى عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بوجه من الوجوه مسندًا ولا مقطوعًا من غير وجه، وهو أحد الأحاديث الأربعة في "الموطّأ" التي لا توجد في غيره مسندة، ولا مرسلة، والله أعلم، ومعناه صحيح في الأصول".
وقال الألباني في "الضعيفة" (١/ ٢١٨/ رقم: ١٠١): "باطل لا أصل له".
أقول: قد ذكر أبو العبّاس الداني في "أطراف الموطّأ" للحديث شاهدًا، فقال: "وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّي أنسى أو أُنَسَّى لأسنّ" جاء معناه في حديث النوم عن الصلاة لابن مسعود، قال فيه: "إنّ الله تعالى لو أراد أن لا تناموا عنها لم تناموا، ولكن أراد أن تكون سنّة لمن بعدكم"، خرّجه أبو داود سليمان الطيالسي".
قلت: أخرجه في "مسنده" (ص ٤٩ - ٥٠/ رقم: ٣٧٧) عن شعبة والمسعودي عن جامع بن شدّاد عن عبد الرحمن بن أبي علقمة القاري عن عبد الله بن مسعود قال: "كنّا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرجعه من الحديبية، فعرّسنا. . ." فذكره، وهذا إسناد حسن، والمسعودي هو: عبد الرحمن بن عبد الله، وإن كان قد اختلط لكنّه توبع. =

<<  <   >  >>