للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة عن أئمة القراءة المتصلة بالحضرة النبوية الأفصحية العربية التي لا تجوز مخالفتها ولا العدول عنها إلى غيرها. والناس في ذلك بين محسن مأجور، ومسيء آثم أو معذور، فمن قدر على تصحيح كلام الله تعالى باللفظ الصحيح العربي الفصيح وعدل إلى اللفظ الفاسد العجمي أو النبطي القبيح، استغناء بنفسه واستبدادا برأيه وحدسه واتكالا على ما ألف من حفظه، واستكبارا عن الرجوع إلى عالم يوقفه على صحيح لفظه، فإنه مقصر بلا شك، وآثم بلا ريب، وغاشّ بلا مرية، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم). أما من لم يطاوعه لسانه أو لا يجد من يهديه إلى الصواب فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها» (١). (٢)

وتتلخص موضوعات علم التجويد وأركانه في أربعة أمور، ذكرها الحسن بن قاسم المرادي (ت ٧٤٩ هـ) بقوله: «إن تجويد القراءة يتوقف على أربعة أمور:

أحدها: معرفة مخارج الحروف.

والثاني: معرفة صفاتها.

والثالث: معرفة ما يتجدد لها بسبب التركيب من الأحكام.

والرابع: رياضة اللسان بذلك وكثرة التكرار» (٣).


(١) النشر ١/ ٢١٠ - ٢١١، والقسطلاني: لطائف الإشارات ١/ ٢٠٩.
(٢) أشار ابن الجزري في النشر (١/ ٢١١ - ٢١٢) إلى قول نصر بن علي الشيرازي: «على أن العلماء اختلفوا في وجوب حسن الأداء في القرآن فبعضهم ذهب إلى أن ذلك مقصور على ما يلزم المكلف قراءته في المفترضات فإن تجويد اللفظ وتقويم الحروف وحسن الأداء واجب فيه فحسب. وذهب الآخرون إلى أن ذلك واجب على كل من قرأ شيئا من القرآن كيفما كان، لأنه لا رخصة في تغيير اللفظ بالقرآن وتعويجه واتخاذ اللحن سبيلا إليه إلّا عند الضرورة» وصحح ابن الجزري هذا الرأي الأخير.
(٣) المفيد ص ٣٩، وشرح الواضحة (له) ص ٢٩.

<<  <   >  >>