الاستفادة من تفاسير التابعين ومن بعدهم، خاصة التوضيحات اللغوية والاستنتاجات الفقهية، ولا تكاد تنطبق تلك الحملة على التفسير المأثور إلا في جانب واحد منه، وهو ما يعرف بالإسرائيليات التي تسللت إلى بعض التفاسير القديمة، في تفسير بدء الخليقة وقصص الأنبياء. ولم يحمد كثير من المتقدمين إيراد تلك الروايات في تفسير القرآن، بل أنكروها.
[٢ - موقف المفسرين المحدثين من النظريات العلمية الحديثة]
افتتن بعض المفسرين بالنظريات العلمية الحديثة، وذلك حين نظر في ذلك الركود العلمي الذي كان يلف بلاد المسلمين، وتلك الحضارة الغربية المزدهرة بالصناعة والعلوم والفنون، واعتقد أن من وسائل النهوض بواقع المسلمين التأكيد على أن الإسلام يحث على طلب العلم، وأن في القرآن إشارات إلى العلوم والنظريات العلمية الحديثة، فحاول تفسير القرآن وشحنه بكل أنواع العلوم ومظاهر الحضارة الحديثة، وخير من يمثل هذا الموقف الشيخ طنطاوي جوهري، رحمه الله، في تفسيره (الجواهر).
قال الشيخ طنطاوي في مقدمة التفسير بعد أن ذكر أنه خلق مغرما بالعجائب الكونية، معجبا بالبدائع الطبيعية، وأنه ألّف كتبا في ذلك، وأنه رغب في أن يفسر القرآن ويضمنه تلك العلوم:
«وإني لعلى رجاء أن يؤيد الله هذه الأمة بهذا الدين، وينسج على منوال هذا التفسير المسلمون ... وليقومنّ من هذه الأمة من يفوق الفرنجة في الزراعة والطب والمعادن والحساب والهندسة والفلك، وغيرها من العلوم والصناعات، كيف لا، وفي القرآن من آيات العلوم ما يربو على سبع مائة وخمسين آية، فأما علم الفقه فلا تزيد آياته الصريحة على مائة وخمسين آية؟ وقد وضعت في هذا التفسير ما يحتاجه المسلم من الأحكام والأخلاق، وعجائب الكون، وأثبتّ فيه غرائب وعجائب الخلق، مما يشوق المسلمين والمسلمات إلى الوقوف على حقائق