للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعضه بعضا في الحق والصدق والإعجاز، والقرآن من هذه الناحية محكم متشابه جميعه (١). وهذا غير المعنى الذي تحدثنا عنه في هذه الفقرة.

رابعا- التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي:

يتردد في كتب علوم القرآن وفي المباحث المتعلقة بالتفسير مصطلح التفسير بالمأثور، ومصطلح التفسير بالرأي، وهما مصطلحان لهما أصل في كلام علماء السلف، فابن تيمية، رحمه الله، يقول وهو يتحدث عن التفسير: «العلم إما نقل مصدّق، وإما استدلال محقق» (٢)، وذكر الزركشي، رحمه الله، التفسير بالرواية، والتأويل بالدراية (٣)، وهما قريبان مما يراد من قولهم التفسير المأثور الذي صار يطلق على ما نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين من تفسير للقرآن الكريم، وقولهم التفسير بالرأي الذي يراد منه تفسير القرآن بالاجتهاد وفق ضوابط معينة (٤).

وتحدث ابن خلدون عن نشأة هذين الاتجاهين في التفسير، فقال: «وأما التفسير فاعلم أن القرآن نزل بلغة العرب وعلى أساليب بلاغتهم، فكانوا كلهم يفهمونه ويعلمون معانيه في مفرداته وتراكيبه، وكان ينزل جملا جملا، وايات آيات، لبيان التوحيد والفروض الدينية، بحسب الوقائع، ومنها ما هو في العقائد الإيمانية، ومنها ما هو في أحكام الجوارح، ومنها ما يتقدم ومنها ما يتأخر ويكون ناسخا له، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبيّن المجمل، ويميز الناسخ من المنسوخ، ويعرّفه أصحابه، فعرفوه وعرفوا سبب نزول الآيات، ومقتضى الحال منها ...

«ونقل ذلك عن الصحابة، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، وتداول ذلك


(١) ينظر: السيوطي: الإتقان ٣/ ٣.
(٢) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٤٤، وينظر ١٣/ ٣٢٩.
(٣) البرهان ٢/ ١٥٠.
(٤) ينظر: محمد حسين الذهبي: التفسير والمفسرون ١/ ١٥٢ و ٣٥٥.

<<  <   >  >>