للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيا- من قضايا التفسير في العصر الحديث:

لم يتوقف التأليف في تفسير القرآن الكريم عند التفاسير التي ذكرناها، لكن كثيرا من التفاسير المؤلفة حديثا يحتاج إلى دراسة تكشف عن المنهج الذي سار عليه مؤلفوها، والنظرة التي تحكمت في طريقة كشفهم عن معاني الآيات، ومعرفة مدى الصلة بين هذه التفاسير والجهود القديمة في التفسير، وذلك يحتاج إلى مجال أوسع مما تسمح به هذه المحاضرات (١). ونكتفي هنا بالإشارة إلى قضيتين مهمتين تتعلقان بالتفسير في العصر الحديث، هما موقف المفسرين المحدثين من التفسير المأثور، وموقفهم من العلوم والنظريات الحديثة.

[١ - موقف المفسرين المحدثين من التفسير المأثور]

ظهر من المفسرين المحدثين من تنكّر للتفسير المأثور، واعتبره مما يصد عن فهم كتاب الله تعالى، ولعل أبرز من أعلن ذلك واعتمده الأستاذ محمد عبده وتلميذه محمد رشيد رضا «فلم يكن الأستاذ يحفل بالناحية الأثرية، ولا يولي اهتماما للأخبار وطرق تخريجها، ولا يعتمد في تفسير الآيات على الأخبار المتصلة بها» (٢). وقد انعكست هذه النظرية العقلية على منهج السيد محمد رشيد رضا في التفسير، حتى صرح في المقدمة بأن «أكثر ما روي في التفسير المأثور أو كثيره حجاب على القرآن، وشاغل لتاليه عن مقاصده العالية، المزكية للأنفس، والمنوّرة للعقول، فالمفضلون للتفسير المأثور لهم شاغل عن مقاصد القرآن بكثرة الروايات، التي لا قيمة لها سندا ولا موضوعا» (٣).

ولاحظ الشيخ محمد الفاضل بن عاشور أنه «لما استقل الشيخ رشيد بمعاناة


(١) ينظر تفصيلا لبعض هذه الجوانب في كتاب (اتجاهات التفسير في العصر الحديث) للدكتور عبد المجيد عبد السلام المحتسب، ط ١، دار الفكر، بيروت ١٣٩٣ هـ ١٩٧٣ م.
(٢) محمد الفاضل بن عاشور: التفسير ورجاله ص ٢٥٣.
(٣) تفسير المنار ١/ ١٠.

<<  <   >  >>