زهد في الدنيا، لأنه إذا رغب فيها لم يؤمن أن يتوسل به إلى عرض يصدّه عن صواب قصده، ويفسد عليه صحة عمله» (١).
والمفسر في زماننا محتاج إلى العلوم الخمسة عشر التي ذكرناها، كما أنه لا بد له من القاعدة الفكرية السلمية التي يستند إليها من صحة الاعتقاد واجتناب المحدثات، وسلامة المقصد، وهو محتاج إلى جانب ذلك كله الاطلاع على منجزات العلوم الحديثة التي لها تعلّق بالموضوعات التي أشار إليها القرآن الكريم، حتى يتمكن من توضيح ما تضمنه القرآن من أسرار الكون وعجائبه التي نبّأ عنها القرآن بقوله: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ (٥٣)[فصلت].
وقد يكون مفيدا لمفسر القرآن في عصرنا أن يكون على اطلاع على ما تأكد من تاريخ الأمم القديمة التي أسهم علم الآثار في الكشف عن بعض أخبارها، كما أن معرفته بالمواقع الجغرافية التي ذكرت في القرآن يمكن أن يكون مفيدا في الكشف عن معنى كثير من الآيات الكريمة.
وبذلك يتضح أن تفسير القرآن الكريم يحتاج إلى ثقافة موسوعية، وقاعدة علمية متعددة الجوانب، ولا يستغني مفسر القرآن في عصرنا عن الاطلاع على الثروة التفسيرية الكبيرة التي كتبها علماء الأمة الإسلامية في العصور السابقة، على نحو ما سنشير إلى ذلك في فقرة لاحقة إن شاء الله تعالى.
ثالثا- تفسير الآيات المحكمات والآيات المتشابهات:
إذا أحاط المفسر بالعلوم الخمسة عشر التي يحتاج إليها من يتصدى لتفسير القرآن الكريم، وإذا تحققت له صحة الاعتقاد وصحة المقصد التي اشترطها العلماء لصحة التفسير فإن ذلك لا يعني أن المفسر سوف يتمكن من تفسير كل