مرت على المسلمين قرون خمدت فيها جذوة البحث العلمي في مختلف علوم الشريعة الإسلامية، وركدت حركة التأليف، وانتهت إلى صورة تتمثل بكتابة الحواشي والمختصرات للمشهور من كتب العلوم. ودخل التفسير في هذه المرحلة، فظهرت التفاسير المختصرة مثل (تفسير الجلالين) لجلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي، كما كتبت عشرات الحواشي، مثل ما كتب من حواش على تفسير الجلالين، وتفسير الزمخشري، وتفسير القاضي البيضاوي، وغيرها.
وتقدّم الزمن وازداد اتصال بلدان العالم الإسلامي بدول الغرب، كما كانت دول الغرب تسعى حثيثا لبسط سيطرتها على الشعوب الإسلامية ونهب خيراتها، وتحقق ذلك بعد الحرب العالمية الأولى وسقوط الخلافة العثمانية. وصحا المسلمون على حالة من التناقض بين ماضيهم المزدهر وقيمهم الأصيلة، وما صاروا عليه من التخلف العلمي والانحطاط الحضاري، وكان ذلك مبعث يقظة في بلاد المسلمين، اختلفت وجهتها بين التمسك بالدين الإسلامي واتخاذه أساسا لتقدم المسلمين كما كان أساسا لتقدمهم من قبل، وبين الاستسلام للغرب ومحاكاته في قيمه ومثله وطريقة حياته.
ووجد دعاة الإصلاح ورواد النهضة الإسلامية الحديثة أن الناس بهم حاجة إلى الفهم الصحيح للدين، فنشطت حركة التأليف في العلوم الإسلامية من جديد، خاصة بعد انتشار المطابع في البلاد الإسلامية، وحاول العلماء كتابة تفسير القرآن بأسلوب يناسب حاجة الأمة إلى اتخاذ القرآن منار هداية ومصدر تشريع، وتوالت المحاولات، فكان من التفاسير الأولى في هذا العصر، التي ظلت تحمل طابع التفاسير القديمة، مع نزعات إلى التجديد في بعض الجوانب: