للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأسباب في الواقع «ما هي إلا مناسبات لا أسباب حقيقية، وإن سمّيت أسبابا على طريق التسامح والتجوز» (١).

وقد قسم العلماء آيات القرآن بالنسبة إلى ارتباط نزولها بسؤال أو حادثة على قسمين:

١ - قسم نزل ابتداء.

٢ - قسم نزل عقب حادثة أو سؤال (٢).

ويلاحظ أن القسم الأول الذي نزل ابتداء تتحدث أكثر آياته عن أمور العقيدة ووصف مشاهد القيامة، ووصف الجنة ونعيمها والنار وأهوالها، وكذلك تتحدث عن أخبار الأمم الغابرة وما حلّ بأهلها. أما القسم الثاني، وهو ما نزل مرتبطا بأسباب ووقائع، فمعظم آياته مما يتعلق بالتشريع والأحكام والآداب.

وفي ارتباط نزول الآيات بمناسبة معينة، وهو ما يسمّى بأسباب النزول- حكمة تشريعية وتربوية عظيمة، تجعل من الحكم الذي تتضمنه تلك الآيات تجربة واقعية، وتطبيقا عمليا في المجتمع، يتم تحت نظر النبي صلى الله عليه وسلم وتوجيهه، ويدرك حكمة التشريع الذي تتضمنه تلك الآيات كل من كان شاهدا وقت نزولها، وكل من وقف على تلك المناسبة وعرف قصتها، فنزول الحكم وقت الحاجة إليه يكون أبعد أثرا في نفوس المخاطبين، ويكونون أكثر استجابة له (٣).

ثانيا- الطريق إلى معرفة أسباب النزول:

اعتنى المفسرون والمؤلفون في علوم القرآن ببيان أسباب النزول كثيرا، لكن تحديد سبب النزول ليس فيه مجال للرأي والاجتهاد، وإنما سبيله سبيل الأحداث


(١) محمد الفاضل بن عاشور: التفسير ورجاله ص ٢٠.
(٢) السيوطي: الاتقان ١/ ٨٢.
(٣) ينظر: مناع القطان: مباحث في علوم القرآن ص ٩٥.

<<  <   >  >>